ولم يزغ في طلائه نظره
يهنئك العقل لم يصل به
مغويه والسعد رابحا خطره
لئن تكن قد حظيت بعد جوى
كما يصيب الجزاء منتظره
قبل محيا العروس مغتبطا
فالعمر قد طاب والمنى ثمره
حبذا هذه الأقوال الشائقة. إذنا أيتها السيدة «يقبلها» أتيت وهذه الورقة في يدي - لأقبل وأتقبل مشبها بذلك صاحب الفوز في الصراع المشهود. فهو إذا سمع تصفيق المتعجبين، وتهليل المعجبين، جمد مكانه ونظر حواليه مرتابا فيما إذا كان ذلك التمداح موجها إليه. وما موقفي هذا إلا كموقفه ذاك، أكاد أرتاب فيما أرى وأرقب لتصديق ما جرى أن تجيبيني إلى ما قدمت وتثبتي وتحققي ما اغتنمت.
برسيا :
أيها الهمام باسانيو ها أنا ذي لديك كما أنا، ولولا أمر جددته في نفسي لاجتزأت بالنعم التي منحتها ولم أستزد. لكنني غدوت متمنية من أجلك لو رجحت ستين مرة على ما أعادل اليوم، ولو كنت ألف مرة أجمل، وعشرة آلاف مرة أوسع جاها، فتكبر حظوتي في عينيك، ولو كان لي من الفضائل والمحاسن والأموال والأصحاب عداد لا تنفد. إلا أنني ولا فخر غير خالية من شيء يقدر بقدر فإنما أمامك فتاة معصر نقية غرة، تعتد من لطف العناية بها كونها لم تزل لدنة صالحة للتقويم. ومن سعد طالعها أنها ليست من الجهل بحيث تستعصي على التعليم، ومن تمام نعمائها أن عقلها طيع يدعوها إلى إلقاء زمامها عن رضى بين يديك، والإقرار عن خضوع بأنك سيدها، وأميرها، ومليكها. فأنا وكل ما لي قد أصبحنا لك اليوم، كان قبلا هذا القصر المشيد قصري، وكنت مولاة خدمي وحشمي، وكان بيدي قياد نفسي. وأما الآن فالدار والتبع والمتبوعة في تصريف بنانك يا ولي أمري. وهبتك أولئك جميعا. وأزيدك هذا الخاتم الذي أوصيك بحفظه، وبأن تحرص كل الحرص من إضاعته، أو فقده، أو مفارقته، فإن ذلك لينذرني بتحول قلبك، ويخولني حق الشكاية منك.
Página desconocida