64

Taj Manzur

التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم لعبد العزيز الثميني مج2 من المخطوط

Géneros

وأنه قيل: يبدوا لمعة بيضاء في القلب، فإذا عمل العبد زادت حتى يبيض كله. والنفاق يبدوا نكتة سوداء فيه، ويزداد بانتهاك المحرمات حتى يسود كله فيطبع عليه، وهو الختم والرين {كلا بل ران على قلوبهم...} الآية (سورة المطففين: 14). فإذا رسى الإيمان في قلب العبد ورسخ فيه انتقل إلى أعلى درجة من الأولى وهي: الظن الذي مدح الله به المؤمنين في قوله: {الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم...} الآية (سورة البقرة: 46) ، {وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه} (سورة التوبة: 118)، وهو هنا بمعنى اليقين،فمن رسخ في قلبه زال عنه الجهل والشك.

والظن يؤول إلى العلم؛ لأن غالب الأحكام الشرعية إنما تثبث على غلبته؛ فإذا قوي صار علما وهو النور الذي يقذفه الله في قلب المؤمن فيتسع به وينشرح ويطمئن. ولذلك الشرح علامة وهي: التجافي والإنابة والاستعداد.

فدرجة العلم في القلب أعلى من درجة الإيمان، وهو سر قوله تعالى: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} (سورة المجادلة: 11) . وروى ابن عباس: أنها بسبعمائة درجة، مابين الدرجة والدرجة مسيرة خمسمائة عام.

فإن ازداد العلم صار يقينا، وهو علم راجح في القلب لا يشوبه شك ولا اضطراب، فكان كالمشاهدة ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «من أقل ما أوتيتم اليقين وعزيمة الصبر». وقيل: إن أقل اليقين إذا وصل إلى القلب ملأه نورا وشكرا وخوفا من الله، ونفى عنه كل ريب، والتوحيد نور والشرك نار؛ ونور التوحيد أحرق لسيئات الموحدين من نارالشرك لحسنات المشركين، وهواليقين.

وقيل أول المقامات: المعرفة ثم اليقين ثم التصديق ثم الإخلاص ثم المشاهدة ثم الطاعة.

Página 64