عندما اهتز به القطار الفارغ أثناء عودته إلى المنزل عبر ضواحي بروكلين الفارغة، حاول جيمي التفكير في قصة التهريب التي يكتبها لملحق صحيفة يوم الأحد. ظلت الفتاة تشتت تفكيره بوجنتيها الورديتين وعينيها البراقتين، مشوشة عليه الترتيب المنظم لأفكاره. غاص تدريجيا في حلم يقظة تلو الآخر. قبل ولادة الطفل، كانت عينا إيلي بعض الأحيان تومض بهذا الشكل. ثم في ذلك اليوم عندما كانا فوق التل ومالت في ذراعيه وكانت متعبة وتركها وسط الأبقار المجترة طعامها ذات العيون الباعثة على الهدوء فوق المنحدر العشبي، وذهب إلى كوخ راع وجلب لها الحليب في مغرفة خشبية، وببطء عند تحدب الجبال لأعلى وقت المساء عادت الحمرة إلى وجنتيها ونظرت إليه تلك النظرة وقالت بضحكة جافة: إنه هيرف الصغير بداخلي. يا إلهي، لم لا أستطيع التوقف عن التفكير في أشياء مضت؟ وفي ساعة ولادة الطفل عندما كانت إيلي في المستشفى الأمريكي في نويي، كان يتجول لاهيا في المعرض، حيث ذهب إلى سيرك البراغيث، وركب دوامة الخيل والأرجوحة البخارية، واشترى الألعاب والحلوى، ومارس الرماية على الدمى مغطيا عينيه في تهور، ليتعثر راجعا إلى المستشفى ومعه خنزير كبير من الجبس تحت ذراعه. يا له من مرح في ذلك اللجوء الخاطف للحظات من الماضي. ماذا لو كانت قد ماتت؛ فقد ظننت أن هذا سيحدث بالفعل . كان الماضي سيكون قد اكتمل تماما، وتحدد، وسيكون قد ارتديته حول عنقك كالقلادة، كما سيكون قد أعد للكتابة على الآلة الحاسبة، وصب في قوالبه لملحق صحيفة يوم الأحد كمقالات جيمي هيرف حول حلقة التهريب. ظلت الأفكار كأعمدة آلة كاتبة مزعجة تسقط في أماكنها وتكتبها آلة لاينوتايب مقعقعة.
في منتصف الليل كان يسير في شارع 14. لم يكن يريد الذهاب إلى المنزل للنوم على الرغم من الرياح الباردة الشديدة التي كانت تمزق رقبته وذقنه بمخالب جليدية حادة. مشى غربا عبر شارع 7 والجادة الثامنة، ليجد اسم روي شيفيلد بجانب جرس في ردهة خافتة الإضاءة. بمجرد أن ضغط على الجرس، بدأ قفل الباب في النقر. صعد الدرج راكضا. مد روي من الباب رأسه الكبير المجعد الشعر بعينيه الأشبه بعيني الدمية جولي وبلون الزجاج الرمادي. «مرحبا يا جيمي. تفضل بالدخول؛ إننا جميعا مبتهجون كالكنائس في الكريسماس.» «لقد رأيت لتوي قتالا بين المهربين والخاطفين.» «أين؟» «هناك في خليج شيبسهيد.»
صاح روي قائلا لزوجته: «ها هو جيمي هيرف، لقد كان يحارب لتوه عملاء الحظر.» كان لأليس شعر كستنائي داكن كشعر دمية ووجه كوجه دميه أيضا كريمي متورد بلون الخوخ. ركضت إلى جيمي وقبلته فوق ذقنه. «أوه يا جيمي، أخبرنا بكل شيء عن ذلك ... إننا نشعر بالملل الفظيع.»
صاح جيمي، وقد رأى لتوه فرانسيس وبوب هيلدبراند على الأريكة في الطرف المعتم من الغرفة: «مرحبا.» رفعا كأسيهما تحية له. دفع جيمي إلى كرسي بذراعين، وأعطي له في يده كأس من شراب الجن وجعة الزنجبيل. قال بوب هيلدبراند بصوت مهمهم عميق: «حسنا، علام كان كل هذا القتال؟ من الأفضل أن تخبرنا لأننا بالتأكيد لن نشتري صحيفة «تريبيون» ليوم الأحد لنعرف ما حدث.»
ارتشف جيمي رشفة طويلة من الشراب. «لقد خرجت مع رجل أعرف أنه كبير جميع المهربين الفرنسيين والإيطاليين. إنه رجل جيد. وله ساق من الفلين. أعد لي وجبة متخمة ونبيذا إيطاليا فاخرا في غرفة بلياردو مهجورة على شواطئ خليج شيبسهيد ...»
سأل روي: «بالمناسبة، أين هيلينا؟»
قالت أليس: «لا تقاطع يا روي. هذا جيد ... وبجانب ذلك يجب ألا تسأل رجلا أبدا عن مكان زوجته.» «ثم كان هناك الكثير من وميض أضواء الإشارة وغيرها وقد جاء زورق آلي محمل بالمزيد من شمبانيا موم الجافة للاحتفال بالكريسماس في بارك أفنيو ووصل الخاطفون على زورق سريع ... ربما كان طائرة مائية لأنه جاء بسرعة كبيرة ...»
هدلت أليس: «الأمر مثير ... لماذا لا تمارس التهريب يا روي؟» «لقد كان أسوأ قتال رأيته خارج السينما؛ إذ كان ستة أو سبعة في كل جانب جميعهم يضربون بعضا في موضع نزول ضيق صغير بحجم هذه الغرفة، أناس يعممون بعضا بالمجاديف ومفاصل أنابيب الرصاص.» «هل أصيب أحد؟» «أصيب الجميع ... أظن أن اثنين من الخاطفين قد غرقوا. على أي حال، لقد فروا وتركونا نلعق الشمبانيا المنسكبة.»
صرخ الزوجان هيلدبراند: «لكن لا بد أن ذلك كان فظيعا.» وسألت أليس لاهثة: «ماذا فعلت يا جيمي؟» «أوه لقد قفزت في الأرجاء متفاديا طريق الأذى. لم أكن أعرف من كان في أي جانب، وكانت السماء مظلمة والأجواء رطبة ومربكة في كل مكان ... وانتهى بي الحال ساحبا صديقي المهرب من المعركة، وعندها انكسرت ساقه ... ساقه الخشبية.»
أطلق الجميع صيحة. أعاد روي ملء كأس جيمي بشراب الجن.
Página desconocida