Bajo la Bandera del Corán
تحت راية القرآن
Editorial
المكتبة العصرية-صيدا
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
Doctrinas y sectas
ومن بعدُ؛ فالقول في أغاليط أستاذ الجامعة لا ينتهي، ونحن إنما نبحث
فيما نبحث عن أصول الخطأ في هذا الأستاذ لا عن فروعه، ونعد من ذلك مثلما يعدون من الشجر فيقولون واحدة وفي الواحدة فروع كثيرة، لأنهم إنما ينظرون إلى الجذع الذي يحمل ذلك ويخرجه، فكذلك أمرنا مع طه حسين؛ لماذا نحن كسرنا الجذع فما نبالي ما عدد فروعه، لأنها مكسورة وإن بقيت في جذعها.
لقد عثرنا في كتاب أستاذ الجامعة على نوع غريب من الترجمة، وهو
ترجمة من أصول الخطأ في فكر الرجل أو فكره أصل فيه، ولا تحسبنها ترجمة
من الفرنسية أو اليونانية، بل هي من العربية، وذلك أشنع لها، فلو أنت تدبرت النصوص التي ينقلها الأستاذ في كتابه ويحملها على أغراضه أو يحمل أغراضه عليها وكنت فطنًا باحثًا نقابًا لرأيت هذه النصوص تشكو إليك وتستجير بك مما أصابها من القلة والذلة، فإن طه لا يجد النص أبدًا في كتب العربية إلا كلامًا جزلًا بليغًا محكم السرد موثق التركيب قد نُزلت فيه الألفاظ على منازلها وجُلبت لمعانيها وتلاءمت مع أشكالها وخرج منها أسلوب رصين مطبوع كمصنوع أو مصنوع كمطبوع؛ فإذا أصابه في الكتب على هذه الصفة من البلاغة خشي منه على أسلوبه وكتابته، ورأى أن أشد ما يفضح الثوب القذر أن تنزل فيه رقعة نظيفة لها جدة ورونق، فلا يكون له مِن هَمٍّ غير أن يعمد إلى النص فيُمِرَّه لسانه ويديره على أسلوبه ويرصفه كرصفه ويترجمه من عربية إلى عربية غيرها فيختل ويرك، ثم يندمج في عبارة طه فإذا هو لا يَنبُهُ عليها ولا هي تنبه عليه، ثم يكون لـ طه من ذلك فائدتان غير هذه؛ أما واحدة: فإن النص إذا نقل على أصله
اختلفت فيه العقول وكانت حَرية أن تتفاوت فيما تدرك منه ففهم كل إنسان
بمقدار ذكائه واطلاعه وعلى حسب ما تيسر له وسائله، ولا كذلك النص
المختلف عن أصله المزال عن جهته، فإنه لا يؤتي إلا معنى واحدًا هو ما سيق
له، ثم لا يكاد يدرك أحد حقيقةَ ما وضع النص فيه.
ومما اتفق لي من ذلك أني وقفت في بعض الكتب على نص في تكذيب خبر المعلقات وأنها كتبت أو علقت، ووقف عليه صاحب كتاب في آداب اللغة فإذا هو يسوقه في كتابه نصًا على خبر التعليق مع أنه برهان قاطع في خبر النفي، وإذا الخلاف كله في أنه أخطأ قراءة فعل نقله على غير وجهه فانقلب المعنى وانتكس النص.
وأما الفائدة الثانية التي يرمي إليها طه فإنه إذا ترجم النص وحذف. . .
وحذف منه وغيَّر وبدَّل استطاع أن يجد من ذلك سبيلًا إلى صلة المعنى الذي
في الكلام بالغرض الذي في نفسه، وتسهَّل عليه القول الذي كان صعبًا، وقرب
1 / 139