Tahsin Qabih
تحسين القبيح وتقبيح الحسن
Investigador
نبيل عبد الرحمن حياوي
Editorial
دار الأرقم بن أبي الأرقم
Número de edición
لا يوجد
Ubicación del editor
بيروت / لبنان
الله عَنهُ، فَكثر بكاؤه بَين يَدي ربه، ومساءلته إِيَّاه الْمَوْت، فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لم تسْأَل رَبك الْمَوْت وَقد صنع الله على يدك خيرا كثيرا؟ أَحييت سننًا، وأمتّ بدعًا، وَفعلت وصنعت، وَفِي بقائك كل رَاحَة وَخير للنَّاس؟ فَقَالَ لي: أَفلا أكون كَالْعَبْدِ الصَّالح حِين أقرّ الله عينه، وَجمع شَمله، وَأَعْلَى أمره، فَقَالَ: رب أتيتني من الْملك وعلمتني من تَأْوِيل الْأَحَادِيث، " فاطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض، أَنْت وليي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، توفني مُسلما، وألحقني بالصالحين ". فَمَا دَار الْأُسْبُوع حَتَّى مَاتَ رَحْمَة الله عَلَيْهِ. وَقَالَ بعض الفلاسفة: لَا يستكمل الْإِنْسَان حد الإنسانية حَتَّى يَمُوت، لِأَن الْإِنْسَان حَيّ نَاطِق ميت. وَقد أحسن من قَالَ: إِن الصَّالح إِذا مَاتَ استراح، والطالح إِذا مَاتَ استريح مِنْهُ. وَقَالَ آخر: إِذا كَانَ فِي النّوم الرَّاحَة الصُّغْرَى، فَفِي الْمَوْت الرَّاحَة الْكُبْرَى. وَقَالَ بعض الشُّعَرَاء، وَهُوَ متنازع: جزى الله عَنَّا الْمَوْت خيرا، فَإِنَّهُ ... أبر بِنَا من كل بر، وأرأف يعجل تَخْلِيص النُّفُوس من الْأَذَى ... ويدني من الدَّار الَّتِي هِيَ أشرف وأنشدني أَبُو الْقَاسِم بن حبيب الْمُزَكي قَالَ: أَنْشدني أَبُو المطرّف الدينَوَرِي، قَالَ: أَنْشدني مَنْصُور الْفَقِيه لنَفسِهِ: قد قلت إِذْ مدحوا الْحَيَاة وأسرفوا ... فِي الْمَوْت ألف فَضِيلَة لَا تعرف فِيهَا أَمَان لِقَائِه بلقائه ... وفراق كل معاشر لَا ينصف وَقد أَخذه أَبُو أَحْمد بن أبي الْكَاتِب، فَقَالَ: من كَانَ يَرْجُو أَن يعِيش فإنني ... أَصبَحت أَرْجُو أَن أَمُوت لأعتقا
1 / 43