344

Liberación de la Elaboración en el Arte de la Poesía y la Prosa y la Explicación del Milagro del Corán

تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر وبيان إعجاز القرآن

Editor

الدكتور حفني محمد شرف

Editorial

الجمهورية العربية المتحدة-المجلس الأعلى للشئون الإسلامية

Ubicación del editor

لجنة إحياء التراث الإسلامي

باب الانسجام
وهو أن يأتي الكلام متحدرا كتحدر الماء المنسجم، سهولة سبك وعذوبة ألفاظ، حتى يكون للجملة من المنثور والبيت من الموزون وقع في النفوس وتأثير في القلوب ما ليس لغيره، مع خلوه من البديع، وبعده عن التصنيع. وأكثر ما يقع الانسجام غير مقصود، كمثل الكلام المتزن الذي تأتى به الفصاحة في ضمن النثر عفوًا كمثال أشطار، وأنصاف، وأبيات وقعت في أثناء الكتاب العزيز ورويت عن الرسول ﷺ، فإن وقع من ذلك في غير القرآن بيتان فصاعدًا سمى ذلك شعرًا وإن لم يقصد، وأما القرآن العزيز فلم يقع فيه إلا مثال النصف، أو البيت الواحد، والبيت المفرد لا يسمى شعرًا، وعلى ذلك أدلة لا يتسع هذا المكان لذكرها، وقد أتيت بها مستقصاة في كتابي المنعوت بالميزان الذي شرعت في عمله، أرجح فيه بين كلام قدامة وبين كلام خصومة، ولم يتكلم.
ومثال الانسجام الذي وقع في الأشعار المقصودة قول الإمام أبي تمام بسيط
إن شئت ألا ترى صبرًا لمصطبر ... فانظر على أي حال أصبح الطلل
وكقوله أيضًا كامل:
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ... ما الحب إلا للحبيب الأول
وكقول البحتري طويل:
فيا لائمي في عبرة قد سفحتها ... لبين، وأخرى قبلها لتجنب
تحاول مني شيمة غير شيمتي ... وتطلب مني مذهبًا غير مذهبي
وكقول إسحاق بن إبراهيم الموصلي طويل:
على عصر أيام الصبابة والصبا ... ووصل الغواني والتذاذي بالشرب
سلام امرئ لم تبق منه بقية ... سوى نظر العينين أو شهوة القلب
ومن هذا الباب للمتقدمين أكثر لامية الشنفري كقوله طويل:
وفي الأرض مناى للكريم عن الأذى ... وفيها لمن خاف القلى متحول
وكقول امرئ القيس طويل:
أغرك مني أن حبك قاتلي ... وأنك مهما تأمر القلب يفعل
ولم أسمع في الانسجام كقول عبد الصمد بن المعذل يرثي الأمير سعيد بن سلم بقوله خفيف:
كم يتيم خبرته بعد يتم ... وعديم نعشته بعد عدم

1 / 429