Investigaciones y referencias en el Corán y la Sunna
تحقيقات وأنظار في القرآن والسنة
Editorial
(دار سحنون للنشر والتوزيع،تونس)،(دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
Número de edición
الثانية
Año de publicación
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
Ubicación del editor
القاهرة - مصر
Géneros
ونحمله على معنى يناسب ذلك النفي والغرض منه.
وقد اتفق علماء الأمة على تأويل هذه الأحاديث بقانون يعم جميعها ناظر إلى اعتبار لفظ: «ليس منا» ونحوه مستعملًا في كلام العرب لإخراج المخبر عنه معنى من نوع المجرور بـ (من) الواقع في الخبر معنى وقانون تأويله أنه جاء للزجر والتهويل، فنقل عن سفيان بن عيينة أنه يكره الخوض في تأويله، ويقول: ينبغي أن يمسك عنه ليكون أوقع في النفس وأبلغ في الزجر، يعني في اعتقاد عدم إرادة ظاهره عند العلماء، وتأوله بعض الشراح بأن المراد: «ليس من أهل هدينا وسنتنا»، أي: ليس من خيرة المسلمين، فيكون التأويل في الضمير المجرور بأن يكون صادقًا على الرسول وخيرة أصحابه، فيكون الضمير مجازًا مرسلًا علاقته البعضية، أو يكون في الكلام إيجاز بمجاز الحذف، وهذا تأويل يستقيم في ضمير «منهم» العائد على لفظ المسلمين السابق، فإن معاده عام إذ المقصود: من لم يهتم بأمر جميع المسلمين، والضمير على وزان معاده، وقال ابن المنير: المعنى أنه: «ليس أهلًا لصحبتنا والاختلاط بنا» فعلى تأويله تكون (من) التبعيضية مستعارة لمعنى (مع) على طريقة الاستعارة التبعية، وقال بعض الشراح: المراد من عامل بهذه الأفعال حضرة الرسول ﵊ (ومعاملة الرسول بذلك مواجهته به كفر لا محالة) فيكون المراد من الضمير في مثله المتكلم وحده، وهذا لا يستقيم في نحو: «فليس منهم»، وقال بعضهم: المراد: من فعله مستحلًا له مع علمه بأن الرسول حرمه.
وهذا أبعد التأويلات لاحتياجه إلى كثرة التقادير التي لا يهتدي إليها السامع.
وأنا أرى في تأويل هذه الآثار تأويلين هما أحسن مما تأول به المتقدمون:
التأويل الأول: نسلك فيه طريقهم الذي سلكوه، وهو اعتبار لفظ «ليس منا» مستعملًا في كلام العرب للنفي من النوع، وأنه مستعمل في الحديث على ضرب من المجاز، فنقول: إن المتلبس بالفعل الذي يكثر أن يتلبس به غير المسلمين يكون مشابهًا بسببه لغير المسلم، فنخبر عنه بأنه غير مسلم على طريقة الاستعارة في المفرد بسبب أن المنهيات كلها كانت من شعار الجاهلية أهل الشرك، وصار التعفف عنها من شعار المسلمين، كما يشهد له حديث الصحيحين عن أبي ذر أنه سب رجلًا بأمه فقال النبي ﷺ: «إنك امرؤ فيك جاهلية»، وحديث الموطأ أن النبي ﷺ قام يصلي بالناس وكان في المسجد محجن الديلي فلم يقم للصلاة؛ لأنه كان صلى في بيته، فقال له رسول الله ﷺ: «ما منعك أن تصلي مع الناس؟» ألست برجل
1 / 110