تراب بل خلقه بقوله ﴿كن﴾ من غير تراب وآدم بقى مخلوقًا من تراب حينًا من الدهر قد قيل أربعين عامًا حتى نفخ فيه الروح وقال له ﴿كن﴾ فكان. وأما المسيح فإن خلقه ابتداءً بقوله ﴿كن﴾ فكان، لم يخلقه على الوجه الذي خلق عليه غيره من البشر حيث خلقه من ماء الأبوين وأقره في الرحم المدة المعلومة، فسائر البشر خلقوا بالسنة - أي: بعادة الله في مخلوقاته - والمسيح خلق بخرق العادة، فكوَّنه بكلمته. فلهذا سمي: كلمة الله دون غيره من المخلوقات.
وهذا يقتضي أن يكون المسيح آية من آيات الله وذلك يبين عموم قدرته فإنه سبحانه خلق النوع البشري على الوجوه الممكنة؛ خلق بعضه من غير ذكر ولا أنثى وهو آدم، وخلق بعضه من ذكر بلا أنثى وهو حواء، وخلق بعضه من أنثى بلا ذكر وهو المسيح، وخلق سائر الزوجين من الذكر والأنثى، ولا يقتضي أن يكون المسيح بهذا أفضل من غيره من المرسلين فإنه قد جاء في الحديث الذي رواه عثمان بن سعيد الدارمي وغيره بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمر وقد رواه عبد الله
1 / 34