وأخبار الآحاد وأقوال الناس، ليس مما حمل عليه في اثبات المعجزات عند أحد من المسلمين، إلا على الوجه الذي وصفناه، وأتى هذا فيما خالف فيه هذا المخالف، هذا لا نجده أبدا، وذكر مخالفنا (¬1) أن أبا جعفر والسمناني كان يقول بشيء من هذا ويستحسنه (¬2) /ص151/ وهذا لو صح من أبي جعفر، لكان هدما لمذهبه ومذهب شيخه أبي بكر بن الطيب الاشعري_رضي الله عنه_ فلا يترك المعلوم مما أصلوه في المعجزات الحاكيات. وأما أبو ذر_ رحمه الله_ فلو صح عنه ما ادعى عليه من أنه استحسن ذلك، فليس هو_ رحمه الله_ ممن يعتمد عليه في هذا المعنى. اذ ليس هذا طريقه، وهو شيخنا_ رحمه الله_. وقد عاشرناه وسمعنا عليه، وعلمنا طريقة، في صفة النقل وحفظ الحديث ومعرفة الرجال. وليس هو ممن يعتمد عليه في هذه المسألة، ولكل انسان في العلم طريق واحد يعول عليه فيه دون غيره مما لا بصر له به. وجرى لك ولولدك_ حسه الله_ في كتابه إلى الاحتجاج فيه درك أردت بيانه لكما وهو قولكما: ("أن المعجزة إذا كانت كونه أميا فكيف تصح أن تكون له معجزة أنه كان كاتبا ؟ وهذا يتناقض ويتضاد (¬3) وهو شخص واحد"). (¬4) وهذا أصلحك الله كلام غير صحيح، لأن الضدين انما يتنافيان على المحل الواحد في الوقت الواحد.
Página 105