آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٢٩) تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (٦٩١ هـ - ٧٥١ هـ) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

المقدمة / 1

مقدمة التحقيق الحمد لله ولي النِّعم، وصلى الله على نبيه الأكرم، ورسوله الأعظم، وعلى آله وصحبه وسلّم. أما بعد؛ فهذا كتاب «تهذيب سنن أبي داود» للإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيِّم الجوزية، نقدّمه اليوم للقراء ضمن سلسلة مشروع «آثار الإمام ابن القيم»، وقد تغيّينا فيه إخراجَه على الطريقة التي انتهجناها في إخراج كتب الإمام ابن القيم، والعناية بها، بتحرير نص الكتاب كما ينبغي، والتعليق عليه بما يستحق. وهذا الكتاب الجليل لم ينل حقَّه اللائقَ به من الإخراج والعناية، وانعكس ذلك على قلّة الإفادة من مباحثه وعلومه، ولعل السبب يعود إلى طريقة «تجريده» كما سيأتي، وإلى طريقة طبعه وإخراجه كما سنشرحه في المباحث الآتية. ومهما يكن من أمر، فقد اجتهدنا في إخراجه بالطريقة اللائقة به من الناحية العلمية، ومن الناحية الفنية، ومن ناحية التكشيف والفهرسة، حتى يمكن الإفادة منه بأسهل سبيل. وكتابنا هذا كتابُ عِلَل ونَقْد حديثي من طراز عال، وكتاب فقه واستنباط وغوص لاستخراج اللآل، يغلب على مباحثه وعلومه هذان الفنّان، مع مباحث في فنون عديدة في الأصول والقواعد واللغة والحديث والتاريخ، بلغ المؤلف فيها إلى الغاية، فكانت في سماء العلم آية! وغالب تعليقات الإمام في هذا السفر يستفيد منها المتبحّر المنتهي، ولا يبلغ مداها الطالب المبتدي، فربما مرت على الطالب الفائدةُ النادرةُ لا

المقدمة / 5

يكشف لها سِترًا، في حين يراها اللوذعيُّ ذهبًا خالصًا وتِبْرًا! وننبه في هذا التصدير أن كتاب ابن القيم لم يصلنا كما وضعه مؤلّفُه، وإنما وصل تجريده لمحمد بن أحمد السعودي، وقد جرّده على نهجٍ سديد حافَظَ فيه على فوائد الأصل، وترك ما كان اختصارًا لكلام المنذري، فلم يَفُتْه من كلام ابن القيم ــ في الغالب ــ إلا ما كان تهذيبًا لكلام المنذري، وذلك شيء يسير إن شاء الله. قدّمنا بين يدي الكتاب جملةً من المباحث هي: - اسم الكتاب. - تاريخ تأليفه. - نسبته للمؤلف. - وصف الكتاب. - وصف التجريد. - ترجمة المجرِّد. - أهمية الكتاب وقيمته العلمية. - منهج المؤلف في كتابه. - موارد المؤلف. - أثره في الكتب اللاحقة - طبعات الكتاب. - مخطوطات الكتاب. - منهج التحقيق.

المقدمة / 6

وقد اقتسمنا تحقيق الكتاب كالآتي: المجلَّد الأول حقَّقه علي العمران، والمجلّدان الثاني والثالث حقّقهما نبيل السِّنْدي، واشتركنا في مباحث المقدّمة. ثم ختمناه بالفهارس التفصيلية الكاشفة عن محتوياته وعلومه، واشترك معنا في صُنع بعض الفهارس منها الأخ الباحث في المشروع: سراج منير، إضافةً إلى ما قام به من مقابلة نسختَي (ش) و(هـ) ومراجعة تجارب الطبع. وقام بصف الكتاب وإخراجه النهائي، وعملِ فهرس الآيات القرآنية وترتيب بقية الفهارس الأخ الفاضل: خالد محمد جاب الله، فجزاه الله خيرًا. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. ٢١/محرم/١٤٣٧ هـ

المقدمة / 7

اسم الكتاب جاء اسم الكتاب في المصادر على عدة أنحاء: ١ - «تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته» هذا نص المؤلف في تسميته كما في «زاد المعاد»: (١/ ١٤٨) فإنه أحال عليه وقال: «وقد أشبعنا الكلام عليه في كتاب «تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته»، وبذلك سمّاه معاصره الصفديّ (٧٦٤) في كتابيه «أعيان العصر» و«الوافي بالوفيات» (^١). ٢ - وجاء نحوه في نسخة خدابخش، وعند تلميذه ابن رجب الحنبلي (٧٩٥) (^٢)، وتبعه العُلَيمي (٨٨٥) (^٣) بحذف وزيادة، ففيها: «تهذيب سنن أبي داود وإيضاح مشكلاته، والكلام على ما فيه من الأحاديث المعلولة». ٣ - وورد الاسم عند ابن ناصر الدين الدمشقي (٨٤٢) (^٤) كما عند ابن رجب مع تغيير في آخره: «والكلام على أحاديثه المعلّة». ٤ - وجاء الاسم مقتصرًا على مصراعه الأول «تهذيب سنن أبي داود» عند المؤلف في «بدائع الفوائد»: (٢/ ٦٦٨)، وفي «مفتاح دار السعادة»: (٢/ ١١٠٢)، وعند السيوطي (٩١١) في «بغية الوعاة» (^٥). _________ (^١). «أعيان العصر»: (٤/ ٣٧٠)، «الوافي بالوفيات»: (٢/ ١٩٦). (^٢). «ذيل طبقات الحنابلة»: (٥/ ١٧٤ - ١٧٥). (^٣) «المنهج الأحمد»: (٥/ ٩٥). (^٤). «توضيح المشتبه»: (٤/ ٢٨٩)، وتابعه الداوودي في «طبقات المفسرين»: (٢/ ٩٥)، وابن العماد في الشذرات: (٦/ ١٦٨). (^٥). (١/ ٦٣).

المقدمة / 8