ولم يتطرق المؤلف في كتابه هذا إلى تعريف العامل النحوي، ولا إلى الخلاف في وجوده أصلا، وإنما بدأ بذكر تعريف للكلام وأقسامه وعلامة كل قسم، ثم انتقل إلى تقسيم العامل، وشرح ما يتعلق بها.
وهنا نحب الإفادة حول قضية نظرية العامل النحوي باختصار شديد:
العامل: هو ما يؤثر في اللفظ تأثيرا ينشأ عنه علامة إعرابية ترمز إلى معنى خاص كالفاعلية، أو المفعولية، أو غيرهما، ولا فرق أن تكون تلك العلامة ظاهرة أو مقدرة (¬1) .
وقد اختلف النحاة في المؤثر الذي يؤثر على أواخر الكلمات فيغيرها من حال إلى حال، أو بعبارة أخرى فيغير حركة آخرها.
فمنهم من أرجع ذلك إلى وجود عوامل تعمل هذا التغيير، وقسموا هذه العوامل إلى عوامل لفظية، وعوامل معنوية، وهذا قول جمهور العلماء وجهابذة النحو.
ومنهم من رفض هذه الفكرة، ونسب هذا التغيير في الحركات إلى المتكلم نفسه، لا لشيء غيره، وهذا قول بعض علماء النحو، وتابعهم فيه بعض المتأخرين.
وقد احتدم النقاش بين الفريقين واستعرض كل واحد منهم أدلته، وأجاب على اعتراض الفريق الآخر، ورد على أدلته حتى أطلق على هذه المسألة "نظرية العامل".
وإن المطلع على هذه النقاشات، وما كتب حول هذه المسألة يتبين له جليا قوة القول بثبوت العامل النحوي، ويرى تهافت القول برفض العامل وعدم قيامه على سند ثابت، وقد تحدث عن هذه القضية الكثير من المؤلفين في هذا الفن، وأذكر لك - أخي القارئ - أبرز ما كتب في هذه القضية إن أردت الاطلاع عليها بتمعن وتمحيص، وهما كتابان قيمان في طرحهما، والتوسع في الاستعانة بالمصادر والمراجع المختصة، وهما:
¬__________
(¬1) النحو الوافي ، عباس حسن . 1 / 73 . وفيه كلام رائق حول هذه القضية .
Página 15