Tahdib al-atar
تهذيب الآثار
Investigador
محمود محمد شاكر
Editorial
مطبعة المدني
Ubicación del editor
القاهرة
وهذا الذى رواه أبو عبيد عن عبد الرحمن في قول النبي صلى الله عليه وسلم ولا تلتقط لقطتها إلا لمعرف والتفسير الذى فسره كما حكى عنه فى ذلك وإن كان قد أصاب المعنى المراد من الخبر فلم يصب معنى الكلمة وذلك أن القائل إذا قال والله لا فعلت كذا وكذا ثم قال إن شاء الله وهو لا يريد الرجوع يمينه ولكن لقن قوله إن شاء الله فلقنه استثناءه وقوله إن شاء الله عند من يقول لا يصح الاستثناء فى اليمين إلا أن يكون المتكلم به قاصدا الاستثناء مريدا به الثنيا عن يمينه لا معنى له وإنما هو عنده بمنزلة الكلمة تجرى على لسان المتكلم به لعادة جرت بلسانه
وإذا كان ذلك كذلك لم يكن له معنى فى الكلام وكان لغوا
وليس كذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم ولا يلتقط لقطتها إلا لمعرف بل لاستثناء المعرف من ملتقطى لقط الحرم بإباحته له التقاطه دون غيره معنى مفهوم وفائدة ليست في قوله ولا تلتقط لقطتها عظيمة أدركت بقوله إلا لمعرف
وذلك أنه صلى الله عليه وسلم لو كان قال لا تلتقط لقطتها ولم يقل إلا لمعرف لم يكن لأحد من الناس التقاط لقطة مكة لا للتعريف ولا لغيره
فلما قال إلا لمعرف أبان بذلك من قوله أن لواجدها التقاطها للتعريف
غير أنه لما كان من سنته عليه السلام في اللقطة يلتقطها الملتقط فى غير الحرم أن لملتقطها الاستمتاع بها بعد تعريفها حولا وكان الحرم مخصوصا بما خص به بتحريم ما أطلق فى غيره من سائر البلاد غيره كتحريمه عضد شوكه وشجره وعضاهه وتنفير صيده كان فى الأغلب من نهيه عن لقطتها أن يلتقطها إلا المعرف أنه قد خصه من ذلك بما لم يعم سائر البلاد غيره كما خصه في صيده وشجره وشوكه بما لم يعم به غيره من البلاد
فلم يكن له وجه يوجه إليه يصح معناه غير الذى قلناه من أنه صلى الله عليه وسلم إذ أباح للمعرف التقاط لقطته ولم يطلق له الاستمتاع بها بعد تعريفه إياها مدة موقتة كما أطلق ذلك فى لقط سائر البلاد غيره أنه لا شىء له من التقاطها إلا التعريف وأنه إن أخذها ليسلك سبيل غيره لقط سائر البلاد وغيرها فى أنه إذا عرفها سنة أو ثلاث سنين أو أكثر من
Página 22