تكفر عن صاحبها بالحسنات الماحية، كالصلوات الخمس، وشهود الجمعة، وصوم رمضان، والاستغفار، والصدقة وغير ذلك، كما قال تعالى: ﴿وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ [هود: ١١٤].
ولا يكون الفسق إلا بما يحتمل الشبهة في الشيء الذي يحكى عن الراوي، فقول مثلًا: (فلان كان يشرب المسكر)، كما قيلت في بعض الرواة، فهذه تحتمل أن يكون مراد قائلها بالمسكر: ما كان يراه أهل الكوفة في النبيذ ويستبيحونه منه، وهو مذهب كثير من ثقاتهم وفقهائهم، فلا يكون مفسقًا؛ لما يجري فيه من التأويل.
والفسق لا يجامع التأويل الذي ظهر وجهه.
أي: من وقع في مفسق متأولًا، فلا يفسق به، من أجل اعتقاده أنه غير مفسق، وذلك كالبدعة أيضًا، فهذا لا ينافي العدالة.
وكذلك من غلب فضله وصلاحه، فالأصل اعتبار ذلك منه، ما دام غالب حاله الاستقامة.
قال الشافعي: " لا نعلم أحدًا أعطي طاعة الله تعالى حتى لم يخلطها بمعصية، إلا يحيى بن زكريا، ولا عصى الله عزوجل فلم يخلط بطاعة، فإذا كان الأغلب الطاعة فهو المعدل، وإذا كان الأغلب المعصية فهو المجرح " (١).
ويأتي لهذا مزيد بيان وتمثيل في الكلام على (صور الجرح غير المؤثر).
وهذه هي العدالة الدينية، ولا تغني وحدها لقبول حديث الراوي، حتى ينضم إليها ركن الضبط والإتقان لما يرويه.
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في " آداب الشافعي ومناقبه " (ص: ٣٠٥ - ٣٠٦) ومن طريقه: الخطيب في " الكفاية " (ص: ١٣٨) وإسناده صحيح.