============================================================
لا أذوق بارد الشراب حتى أعلم اين مكانى منك فسألاه أبواه أن يفطر على قرص شعير كان معهما ويشرب الماء ويرجع معهما ففعل ذلك وكفر عن يميته، فلذلك مدحه الله تعالى بالبر فقال : (وبرا بوالديه) فرجع إلى بيت المقدس فكان إذا قام يصلى يبكى هنى يبكى معه الشجر والمدر، ويبكى زكريا لبكاثآه ، فما زال يبكى حتى طرق الدمع فى خديه طريقين فقال له أبوه : يابنى سألت ربى أن يهبك لى لققر عبنى بك فما هذا البكاء؟ قال : يا أبت ان جبريل أخبرنى أن بين الجنة والنار مفازة لا يقطعها إلا كل بكاء، فقال زكريا قابك يايحيى . وروى أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان كثير البكاء ، فأتاه جبريل وقال له: الجبار يقرثك السلام ويقول :هل رأيت خليلا يخاف خليله فقال باجبريل اذا ذكرت خطيئى نسيت خلى، هذا خوف المرسلين مع عصمتهم من المخالقات وطهارتهم عن الزلات ، وإتما كانت خطاياهم نظرة إلى مباح أو لفظة فى ظاهرها مكروه وفى باطنها صلاح.
ابراهيم عليه الصلاة والسلام كسر الأصغام وقال : (بل قعله كبيرهم هذا) يعنى على رهكم ليخصم قومه ويظهر الحجة عليهم فى عبادة من لايقدر على شىء، وقال أيضد: (إنى سقيم) أى مآلى إلى السقم حتى لا يخرج معهم فى لهوهم، وقال فى زوجته سارة هذه أختى، يعنى فى الإسلام ليخاصها من يد ظالم، وليس فى شىء من هذا إثم فلا وزر . وداود عليه الصلاة والسلام نظر إلى امرأة جاره أول مرة ثم غض بصره ولا إثم فى ذلك، ثم اشتهى ان تكون زوجته فى الحلال ، فخرج زوجها فى العزو فقتل من غير أن يتسبب داود فى قتله بشىء، هذا أعظم ماورد فى قصته وما زاد على هذا فهو باطل . وقيل إنه سماله أن يطلقها قاله ابن عباس وابن مسعود، وقيل إما كان خاطبا وساله أن ييزل عن خطبتها وليس فى شىء من هذا اثم، وإنما كابوا أعلم بالله وأشد خشية وتعظيما، فصارت هذه الأشياء عندهم عظائم لشدة إجلالهم لله تعالى وتعظيمهم لهيبته وجلاله. فلا يغتر الجاهل المسكين بما يسمع من ذ كر معاصى هؤلاء بل بنبغى آن يشتد خوفه ووجله وإشفاقه من ذنوبه وينظر شدة خوفهم مع رفيع مقامهم وخفة هفواتهم، فكيف يطمين قلب من لايعلم عاقبة أمره ،
Página 88