الأول دليل جالينوس لا يظهر أن الشمس لا تقبل الانعدام
ما تمسك به جالينوس إذ قال: لو كان الشمس مثلًا تقبل الانعدام لظهر فيها ذبول في مدة مديدة، والأرصاد الدالة على مقدارها منذ آلاف سنين لا تدل إلا على هذا المقدار، فلما لم تذبل في هذه الآماد الطويلة دل أنها لا تفسد.
الاعتراض من الوجه الأول لعلها تفسد بغير طريق الذبول كما في حال البغتة الاعتراض عليه من وجوه: الأول إن شكل هذا الدليل أن يقال: إن كان الشمس تفسد فلا بد وأن يلحقها ذبول، لكن التالي محال فالمقدم محال، وهو قياس يسمى عندهم الشرطي المتصل، وهذه النتيجة غير لازمة لأن المقدم غير صحيح ما لم يضف إليه شرط آخر وهو قوله: إن كان تفسد فلا بد وأن تذبل، فهذا التالي لا يلزم هذا المقدم إلا بزيادة شرط وهو أن نقول: إن كان تفسد فسادًا ذبوليًا فلا بد وأن تذبل في طول المدة. أو يبين أنه لا فساد بطريق الذبول حتى يلزم التالي للمقدم. ولا نسلم أنه لا يفسد الشيء إلا بالذبول، بل الذبول أحد وجوه الفساد. ولا يبعد أن يفسد الشيء بغتة وهو على حال كماله.
الاعتراض من الوجه الثاني الفساد لا يظهر للحس الثاني أنه لو سلم له هذا وأنه لا فساد إلا بالذبول، فمن أين عرف أنه ليس يعتريها الذبول؟ وأما التفاته إلى الأرصاد فمحال لأنها لا تعرف مقاديرها إلا بالتقريب. والشمس التي يقال إنها كالأرض مائة وسبعين مرة أو ما يقرب منه لو نقص منها مقدار جبال مثلًا لكان لا يبين للحس، فلعلها
1 / 126