[135] وانما كان ذلك كذلك لان الحركة هى فى شىء ضرورة فلو كانت الحركة ممكنة قبل وجود العالم فالاشياء القابلة هى فى زمان ضرورة لان الحركة انما هى ممكنة فيما يقبل السكون لا فى العدم لان العدم ليس فيه امكان أصلا الا لو أمكن ان يتحول العدم وجودا ولذلك لا بد للحادث من ان يتقدمه العدم ولا بد ان يقتحرن عدم الحادث بموضوع يقبل وجود الحادث ويرتفع عنه العدم كالحال فى سائر الاضداد وذلك ان الحار اذا صار باردا فليس يتحول جوهر الحرارة برودة وانما يتحول القابل للحرارة والحامل لها من الحرارة الى البرودة
[136] واما العناد الثانى وهو أقوى هذه العنادات فانه سفسطانى خبيث وحاصله ان توهم القبلية قبل ابتداء الحركة الاولى التى لم يكن قبلها شىء متحرك هو مثل توهم الخيال ان آخر جسم العالم وهو الفوق مثلا ينتهى ضرورة إما الى جسم آخر وإما الى خلاء وذلك ان البعد هو شىء يتبع الجسم كما ان الزمان هو شىء يتبع الحركة فان امتنع ان يوجد جسم لا نهاية له امتنع بعد غير متناه واذا امتنع أن يوجد بعد غير متناه امتنع ان ينتهى كل جسم الى جسم آخر أو الى شىء يقدر فيه بعد وهو الخلاء مثلا ويمر ذلك الى غير نهاية وكذلك الحركة والزمان هو شىء تابع لها فان امتنع ان توجد حركة ماضية غير متناهية وكانت ههنا حركة أولى متناهية الطرف من جهة الابتداء امتنع ان يوجد لها قبل اذ لو وجد لها قبل لوجدت قبل الحركة الاولى حركة أخرى
Página 75