[215] وأصل فساد هذا الوضع قولهم ان الواحد لا يصدر عنه الا واحد ثم وضعوا فى ذلك الواحد الصادر كثرة فلزمهم ان تكون تلك الكثرة عن غير علة ووضعهم تلك الكثرة محدودة تحتاج الى ادخال مبدأ ثالث ورابع لوجود الموجودات شىء وضعى لا يضطر اليه برهان وبالجملة هذا الوضع غير وضع مبدأ أول وثان وذلك انه يقال لم اختصت العلة الثانية ان يوجد فيها كثرة من دون العلة الاولى فهذا كله هذيان وخرافات وأصل هذا انهم لم يفهموا كيف يكون الواحد علة على مذهب ارسطوطاليس ومذهب من تبعه من المشائين وقد تمدح هو فى آخر مقالة اللام بهذا المعنى واخبر ان كل من كان قبله من القدماء لم يقدروا ان يقولوا فى ذلك شيئا .
[216] وعلى هذا الوجه الذى حكيناه عنهم تكون القضية القائلة ان الواحد لا يصدر عنه الا واحد قضية صادقة وان الواحد يصدر عنه كثرة قضية صادقة أيضا
[217] قال أبو حامد ثم نقول هذا باطل بالمعلول الثانى فانه صدر منه فلك الكواكب وفيه ألف ونيف ومئتا كوكب وهى مختلفة العظم والشكل والوضع واللون والتأثير والنحوس والسعود فبعضها على صورة الحمل والثور والاسد وبعضها على صورة الانسان ويختلف تأثيرها فى محل واحد من العالم السفلى فى التبريد والتسخين والسعادة والنحوس وتختلف مقاديرها فى ذاتها . فلا يمكن ان يقال الكل نوع واحد مع هذا الاختلاف ولو جاز هذا لجاز ان يقال كل اجسام العالم نوع واحد فى الجسمية فيكفيها علة واحدة فان كان اختلاف صفاتها وجواهرها وطبائعها دل على اختلافها فكذا الكواكب مختلفة لا محالة ويفتقر كل واحد الى علة لصورته وعلة لهيولاه وعلة لاختصاصه بطبيعته المسخنة او المبردة او السعيدة أو النحسة ولاختصاصه بموضعه ثم لاختصاص جملها باشكال البهائم المختلفة وهذا الكثرة ان تصور ان تعقل فى العقل الثانى تصور فى الاول ووقع الاستغناء
Página 250