[177] قال ابو حامد هو ان من ذهب الى ان الاول لا يعقل الا نفسه انما خاف من لزوم الكثرة اذ لو قال فيه يعقل غيره للزم ان يقال عقله غير عقله نفسه وهذا لازم فى المعلول الاول فينبغى ان لا يعقل الا نفسه لانه لو عقل غيره لكان ذلك غير ذاته ولافتقر الى علة غير علة ذاته ولا علة الا علة ذاته وهو المبدأ الاول فينبغى ان لا يعلم الا ذاته وتبطل الكثرة التى نشأت من هذا الوجه فان قيل لما وجد وعقل ذاته لزمه ان يعقل انه مبدأ قلنا لزمه ذلك لعلة او لغير علة فان كان لعلة فلا علة الا المبدأ الاول وهو واحد ولا يتصور ان يصدر منه الا واحد وقد صدر وهو ذات المعلول فالثانى كيف يصدر منه . وان لزم بغير علة فليلزم وجود الاول موجودات بلا علة كثيرة وليلزم منها الكثرة . فان لم يعقل هذا من حيث ان واجب الوجود لا يكون الا واحدا والزائد على الواحد ممكن والممكن يفتقر الى علة فهذا اللازم فى حق المعلول ان كان واجب الوجود بذاته فقد بطل قولهم واجب الوجود واحد وان كان ممكنا فلا بد له من علة ولا علة له فلا يعقل وجوده . وليس هو من ضرورة المعلول الاول لكونه ممكن الوجود فان امكان الوجود ضرورى فى كل معلول أما كون المعلول عالما بالعلة ليس ضروريا فى وجود ذاته كما ان كون العلة عالما بالمعلول ليس ضروريا فى وجود ذاته بل لزوم العلم بالمعلول اظهر من لزوم العلم بالعلة فبان ان الكثرة الحاصلة من علمه بالمبدإ محال فانه لا مبدأ له وليس هو من ضرورة وجود ذات المعلول وهذا ايضا لا مخرج عنه
[178] قلت هذه حجة من يوجب ان يكون الاول يعقل من ذاته ما هو له علة لانه يقول ان لم يعقل من ذاته انه مبدأ فقد عقل ذاته عقلا ناقصا
[179] واما اعتراض أبى حامد على هذا فمعناه إن كان عقل ما هو له مبدأ فلا يخلو ان يكون ذلك لعلة أو لغير علة فان كان لعلة لزم ان يكون للأول علة ولا علة للاول وان كان لغير علة وجب ان يلزم عنه كثرة وان لم يعلمها فان لزمت عنه كثرة لم يكن واجب الوجود لان واجب الوجود لا يكون الا واحدا والذى يصدر عنه أكثر من واحد هو ممكن الوجود والممكن الوجود مفتقر الى علة فقد بطل قولهم ان يكون الاول واجب الوجود وان يعلم معلوله . قال واذا كان كون المعلول عالما بالعلة ليس من ضرورة وجوده فاحرى ألا يكون من ضرورة كون العلة ان تكون عارفة بمعلولها
Página 235