[200] قال ابو حامد مجيبا عن الفلاسفة فان قيل رد الامكان الى قضاء العقل محال اذ لا معنى لقضاء العقل الا العلم بالامكان فالامكان معلوم وهو غير العلم بل العلم يحيط به ويتبعه ويتعلق به على ما هو عليه والعلم لو قدر عدمه لم ينعدم المعلوم والمعلوم اذا قدر انتفاؤه انتفى العلم فالعلم والمعلوم امران اثنان احدهما تابع والآخر متبوع ولو قدرنا إعراض العقلاء عن تقدير الامكان وغفلتهم عنه لكنا نقول لا يرتفع الامكان بل الممكنات فى انفسها ولكن العقول غفلت عنها او عدمت العقول والعقلاء فيبقى الامكان لا محالة واما الامور الثلاثة فلا حجة فيها فان الامتناع ايضا وصف اضافى يستدعى موجودا يضاف اليه ومعنى الممتنع الجمع بين الضدين فاذا كان المحل أبيض كان ممتنعا عليه ان يسود مع وجود البياض فلا بد من موضوع يشار اليه موصوف بصفة فعند ذلك يقال ضده ممتنع عليه فيكون الامتناع وصفا اضافيا قائما بموضوع مضافا اليه . واما الوجوب فلا يخفى انه مضاف الى الوجود الواجب واما الثانى وهو كون السواد فى نفسه ممكنا فغلط فانه ان أخذ مجردا دون محل يحل كان ممتنعا لا ممكنا وانما يصير ممكنا اذا قدر هيئة فى جسم فالجسم مهيأ لتبدل هيئة والتبدل ممكن على الجسم والا فليس للسواد نفس مفردة حتى يوصف بامكان وأما الثالث وهو النفس فهى قديمة عند فريق ولكن ممكن لها التعلق بالابدان فلا يلزم على هذا ومن سلم حدوثه فقد اعتقد فريق منهم انه منطبع فى المادة تابع للمزاج على ما دل عليه كلام جالينوس فى بعض المواضع فتكون فى مادة وامكانها مضاف الى مادتها وعلى مذهب من سلم انها حادثة وليست منطبعة فمعناه ان المادة ممكن لها ان يدبرها نفس ناطقة فيكون الامكان السابق على الحدوث مضافا الى المادة فانها وان لم تنطبع فيها فلها علاقة معها اذ هى المدبرة والمستعملة لها فيكون الامكان راجعا اليها بهذا الطريق
[201] قلت ما أورده فى هذا الفصل هو كلام صحيح وانت تتبين ذلك مما ذكرنا من تفهيم طبيعة الممكن
Página 109