Tafsir Wasit
الوسيط في تفسير القرآن الكريم
Editorial
دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع
Número de edición
الأولى
Ubicación del editor
الفجالة - القاهرة
Géneros
عن ابن عباس- ﵄ قال: «قال عبد الله بن صوريا الأعور لرسول الله ﷺ ما الهدى إلا ما نحن عليه فاتبعنا- يا محمد- تهتد، وقالت النصارى مثل ذلك، فأنزل الله- ﷿ وَقالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا، قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفًا وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ «١» .
ومعنى الآية الكريمة: وقالت اليهود للنبي ﷺ وللمسلمين اتركوا دينكم واتبعوا ديننا تهتدوا وتصيبوا طريق الحق. وقالت النصارى مثل ذلك قل لهم- يا محمد- ليس الهدى في اتباع ملتكم، بل الحق في أن نتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين، فاتبعوا أنتم- يا معشر أهل الكتاب- ما اتبعناه لتكونوا حقا سالكين ملة إبراهيم الذي لا تنازعون في هداه.
وقوله تعالى: وَقالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا حكاية لما زعمه كل من فريقى اليهود والنصارى من أن الهدى في اتباع ملتهم.
و(أو) للتنويع، أى قال اليهود لغيرهم لا دين إلا اليهودية ولا يقبل الله سواها، فاتبعوها تهتدوا. وقال النصارى لغيرهم كونوا نصارى تهتدوا، إلا أن القرآن الكريم ساق هذا المعنى بقوله: وَقالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا لمعرفة السامع أن كل فريق منهم يكفر الآخر، ويعد ديانته باطلة، كما حكى القرآن عنهم ذلك في قوله تعالى: وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ، وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ.
ثم لقن الله- تعالى- نبيه ﷺ الرد الملزم لهم، فقال تعالى: قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفًا وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.
الملة: الدين، والحنيف في الأصل المائل عن كل دين باطل إلى الدين الحق ووصف به
(١) تفسير ابن كثير ج ١ ص ٢٢٩.
1 / 281