Tafsir Surah An-Nur
تفسير سورة النور
Géneros
سبب نزول الآيات
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ﴾ [النور:٦]: هذه الآيات الكريمات سبب نزولها أنه بعد أن نزلت الآيات السابقات تدل على أنه من قذف المؤمنة أو قذف المحصنة، فإنه ينبغي أن يقام عليه الحد ثمانين جلدة، إذا كان لم يُقِمِ الشهودَ على صدق قوله، فلما بين الله ﵎ وجوب الحد على القاذف، وقَعَ في عصر النبي ﵌ أن أحد الصحابة وهو عويمر العجلاني، رأى من امرأته الزنا بعينيه، وكذلك هلال بن أمية ﵁ وأرضاه، كان عند النبي ﵌ فدخل على أهله عشاءً فرأى ما يكرهه، فانتظر إلى الصباح فجاء إلى رسول الله ﵌ وشكى إليه ما رأى وقال: (يا رسول الله! الرجل يجد مع امرأته رجلًا، إن تكلم جلدتموه، وإن قتل قتلتموه، وإن سكت سكت على غيظ): فقوله: (إن تكلم جلدتموه): أي جلدتموه حد القذف.
(وإن قتل -أي: قتل الزاني- قتلتموه) .
(وإن سكت سكت على غيظ): فكيف يسكت على فراشٍ فاسد.
فعَظُم الأمر على الصحابة؛ لأنهم خافوا أن يقيم رسول الله ﵌ الحد عليه.
فرواية عويمر العجلاني فيها أنه أمر عاصم بن عدي ﵁ -ابن عمه- أن يسأل رسول الله ﵌ فقال: (يا عاصم! الرجل يجد مع امرأته الرجل، إن تكلم جلدتموه، وإن قتل قتلتموه، وإن سكت سكت على غيظ، سل لي يا عاصم رسول الله ﵌ عن ذلك، فذهب عاصم إلى رسول الله ﵌ ثم رجع فجاءه عويمر، فقال: ماذا قال لك رسول الله ﵌؟ فقال له عاصم: والله! ما جئتني بخير، قد كره رسول الله ﵌ مسألتك، فلما علم منه ذلك مضى عويمر بنفسه إلى رسول الله ﵌ لعلمه أن النبي ﵌ كره المسألة؛ لأنه يظن أنها لم تقع، فلما كان قد بُلِي بها ذهب إلى رسول الله ﵌ حتى يخبره عن هذا البلاء الذي بُلِي به في أهله، فجاء إلى رسول الله ﵌ فقال مقالته، فأنزل الله الوحي على رسوله صلوات الله وسلامه عليه، فقال ﵊: قد أُنْزِل فيك وفي صاحبتك قرآن، فاذهب وائتِ بها) .
وفي حديث هلال بن أمية ﵁ وأرضاه أنه قذف امرأته بـ شريك بن سحماء، فلما قذفها عند رسول الله ﵌ كانت هذه الآيات لم تنزل بعد، فلما قذفها بذلك، قال الصحابة: الآن يجلد هلالًا، فأنزل الله ﷿ على نبيه صلوات الله وسلامه عليه هذه الآيات.
3 / 28