312

Tafsir del Corán

تفسير السمعاني

Editor

ياسر بن إبراهيم وغنيم بن عباس بن غنيم

Editorial

دار الوطن

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٨هـ- ١٩٩٧م

Ubicación del editor

الرياض - السعودية

﴿وَمن دخله كَانَ آمنا وَللَّه على النَّاس حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَمن كفر فَإِن الله غَنِي﴾
وَأول مَا خلق من الْجبَال جبل أبي قبيس.
وَفِي الْقَصَص: أَن الله تَعَالَى أَمر الْمَلَائِكَة بِبِنَاء الْبَيْت قبل خلق آدم بألفي عَام، وَكَانَت الْمَلَائِكَة يحجونه، فَلَمَّا حجه آدم، قَالَت الْمَلَائِكَة: بر حجك، حجَجنَا هَذَا الْبَيْت قبلك بألفي عَام. وَأما بكة فَالصَّحِيح: أَن بكة وَمَكَّة بِمَعْنى وَاحِد، وَهُوَ قَول ابْن عَبَّاس، وَمثله: طين لازب ولازم، وسمل رَأسه وسبل بِمَعْنى وَاحِد.
وَقيل: (أَنه) مَوضِع الْبَيْت، وَمَكَّة جَمِيع الْقرْيَة. وَقيل: إِنَّمَا سميت ببكة، لِأَن النَّاس يتباكون فِيهَا، أَي: يزدحمون، وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
(إِذا الشريب أَخَذته أكه ... فخله حَتَّى يبك بكة)
وَقَوله: ﴿مُبَارَكًا وَهدى للْعَالمين﴾ أَي: وضع ذَلِك الْبَيْت ذَا بركَة وَهدى للْعَالمين.
﴿فِيهِ آيَات بَيِّنَات مقَام إِبْرَاهِيم﴾ قرىء: " فِيهِ آيَة بَيِّنَة " على الوحدان، وَهِي مقَام إِبْرَاهِيم، وَالْمَعْرُوف: ﴿فِيهِ آيَات بَيِّنَات مقَام إِبْرَاهِيم﴾ .
من تِلْكَ الْآيَات: مقَام إِبْرَاهِيم: وَهُوَ الْحجر الَّذِي فِيهِ أثر أَصَابِع قدم إِبْرَاهِيم، وَكَانَ قد بَقِي أَثَره فِيهِ، فاندرس من كَثْرَة الْمسْح بِالْأَيْدِي، وَقيل مقَام إِبْرَاهِيم: جَمِيع الْحرم.
وَمن الْآيَات فِي الْبَيْت أَيْضا: أَن الطير يطير فَلَا يَعْلُو فَوْقه، كَذَا قيل، وَمِنْهَا: أَن الْجَارِحَة إِذا قصدت صيدا، فَإِذا دخل الصَّيْد الْحرم كفت عَنهُ، وَمِنْهَا: أَنه مَا قَصده جَبَّار إِلَّا قصمه الله - تَعَالَى -، وَمِنْهَا: أَن الْمَطَر إِذا أصَاب الرُّكْن الْيَمَانِيّ؛ (كَانَ الخصب بِالْيمن، وَإِن أصَاب جَانب الشَّام)؛ كَانَ الخصب بِالشَّام، وَإِن أصَاب جَمِيع الجوانب كَانَ الخصب جَمِيع الجوانب.
وَسبب هَذَا أَن الْيَهُود قَالُوا: قبلتنا أولى من قبلتكم؛ فَبين الله تَعَالَى للْمُسلمين شرف قبلتهم؛ فَإِنَّهَا خصت بأَشْيَاء لَيست تِلْكَ لقبلتهم، وَأَن بَيت الْمُقَدّس قد حرق وَهدم، وَأما الْكَعْبَة فَمَا قَصدهَا جَبَّار إِلَّا قصمه الله تَعَالَى. ﴿وَمن دخله كَانَ آمنا﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: هُوَ (الْجَانِي) يدْخلهُ، فَيصير آمنا عَن الْقَتْل فِيهِ، وَلكنه لَا يؤاكل

1 / 342