370

كفى الشيب والإسلم للمرء ناهيا

فإن كانت كفى بمعنى وقى، فلا تزاد الباء في فاعلها كقوله تعالى:

وكفى الله المؤمنين القتال

[الأحزاب: 25]، أي وقاهم. فلا يجوز في الكلام كفى بالله المؤمن الشر. { أيها الناس } عام يدخل على قدرة الله تعالى في إذهاب من شاء وإتيان من شاء وقد خصه قوم بمن كان يعادي رسول الله صلى الله عليه وسلم من العرب وغيرهم { ويأت بآخرين } أي بناس آخرين غيركم. ومدلول آخر أن يكون من جنس ما قبله، نحو: رأيت زيدا وآخر فلا يكون آخر من غير جنس زيد ولو قلت: اشتريت فرسا وآخر، لم يكن آخر إلا من جنس الفرس. وأجاز الزمخشري وابن عطية في قوله: بآخرين أن يكونوا من غير جنس الناس وهو خطأ لأن غير تقع على المغايرة في جنس أو وصف وآخر لا تقع إلا على المغايرة من الجنس.

[4.135-139]

{ يأيها الذين آمنوا } الآية، قيل: نزلت في اختصام غني وفقير عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.

{ قومين } صفة مبالغة في القيام.

{ بالقسط } وهو العدل.

{ ولو على أنفسكم } أي تشهدون على أنفسكم أي تقرون بالحق وتقيمون القسط عليها وانتصب شهداء على أنه خبر بعد خبر ومجيء لو هنا لاستقصاء جميع ما تمكن فيه الشهادة لما كانت الشهادة من الانسان على نفسه بصدد أن لا يقيمها لما جبل عليه المرء من محاباة نفسه ومراعاتها نبه على هذه الحال وجاء هذا الترتيب في الاستقصاء في غاية من الحسن والفصاحة. فبدأ بقوله: ولو على أنفسكم لأنه لا شيء أعز على الإنسان من نفسه ثم ذكر الوالدين وهما أقرب إلى الإنسان وسبب نشأته، وقد أمر ببرهما وتعظيمهما والحوطة لهما، ثم ذكر الأقربين وهم فطنة المحبة والتعصب وإذا كان هؤلاء أمر بالقيام في حقهم بالقسط والشهادة عليهم فالأجنبي أحرى بذلك. ويتعلق قوله: على أنفسكم، بمحذوف لأن التقدير وإن كنتم شهداء على أنفسكم فكونوا شهداء لله، هذا تقدير الكلام. وقال ابن عطية: ولو على أنفسكم متعلق بشهداء. " انتهى ".

إن عنى بشهداء هذا الملفوظ به فلا يصح ذلك وإن عنى الذي قدرناه نحن فيصح.

Página desconocida