Tafsir Muwatta
تفسير الموطأ للقنازعي
Editor
الأستاذ الدكتور عامر حسن صبري
Editorial
دار النوادر - بتمويل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
Ubicación del editor
قطر
Géneros
قالَ ابنُ أَبي زَيْدٍ: الأَيْمَانُ باللهِ أَرْبَعَةٌ: فَيَمِينَانِ مُكَفِّرَانِ، ويَمَيِنَانِ غَيْرُ مُكَفِّرَيْنِ، فالمُكَفِّرانِ قَوْلُ الرَّجُلِ: واللهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا وكَذَا، ثُمَّ يَبْدَا لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، أَوْ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: واللهِ لأَفْعَلَنَّ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ لَا يَفْعَلُ، فَعَلَيْهِ الكَفَّارَةُ.
وأَمَّا غَيْرُ المُكَفِّرَيْنِ فَلَغُو اليَمِينِ، فَهَذَا لا كَفَّارَةَ فيهِ ولَا إثْمَ.
والرَّابِعُ هُوَ القَاصِدُ بِيَمِينِه إلى الكَذِبِ، والذِي يَحْلِفُ وَهُو شَاك في الذِي يَحْلِفُ عَلَيْهِ، فَهَذا أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تَكُونَ فِيهِ كَفَّارَة، لأَنَّ مَنْ فَعَلَ هذَا فَقَدْ قَصَدَ الكَذِبَ، واجْتَرأ على اللهِ، قالَ اللهُ ﵎: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾ [آل عمران: ٧٧].
[قالَ أبو المُطَرِّفِ]: الحِنْثُ يَقَعُ في اليَمِينِ باليَمِينِ بِأَقَلِّ الوُجُوهِ، والبِرُّ في اليَمِينِ لا يَكُونُ إلَّا بأَكْمَلِ الوُجُوهِ، وذَلِكَ لَو أَنَّ رَجُلًا قالَ: واللهِ لا أَكَلْتُ هذَا الرَّغِيفَ، فأَكَلَ بَعْضَهُ فَهُوَ حَانِثٌ، والدَّلِيلُ على صِحَّةِ هذَا القَوْلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٢٢]، فإذا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ المَرْأَةَ ثم طَلَّقَهَا قَبْلَ دُخُولهِ بِهَا، فقَدْ حَرُمَتْ على آبَائهِ وأَبْنَائهِ بِنَفْسِ العَقْدِ، وَهُوَ أَقَلُّ وُجُوهُ النَّكَاحِ، فَكذَلِكَ يَقَعُ الحِنْثُ في اليَمِينِ بِأَقَلِّ الوُجُوهِ، ولَمَّا لَمْ يُبِحِ النبيُّ ﷺ المُطَلَّقَةَ المَبْتُوتَةَ الذي طَلَّقَهَا إلَّا بِوَطْءِ صَحِيع كَامِل مِنَ الزَّوْجِ الثَّانِي عَلِمَ أَنَّ البَرَاءَ لا يَكُونُ إلَّا بِأَكْمَلِ الوُجُوهِ.
قالَ عِيسَى: نَذْرُ المَرْأَةِ ذَاتِ الزَّوْجِ جَائِزٌ عَلَيْهَا، ويَلْزَمُهَا مَا نَذَرَتْهُ مِنْ ذَلِكَ، إِلَّا أَن يَضُرَّ ذَلِكَ بِزَوْجِهَا، فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْهُ، مِثْل أَنْ تَنْذِرَ صِيَامَ شَهْرٍ أَو شَهْرَيْنِ، أو تَنْذِرَ حَجَّةَ، فَيَقُولُ زَوْجُهَا: إنَ هذَا مِمَّا يَضُرُّ بِي، ولَا صَبْرَ لِي عَنِ النِّسَاءِ، فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ، ويَكُونُ نَذْرُهَا بَاقِيًا عَلَيْهَا، حتَّى تَجِدِ السَّبِيلَ إلى الوَفَاءِ به، ولَوْ أَخَذَ الزَّوْجُ مِنْهَا شَيْئًا على أنْ أَبَاحَ لَهَا فِعْلَ مَا نَذَرَتْهُ، لَرَجَعَتْ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَ مِنْهَا، ويَمْضِي عَلَيْهِ إذْنُهُ لَهَا في فِعْلِ ذَلِكَ، لأَنَّهُ تَبيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مُضِرًّا بِهَا في مَنْعِهِ إيَّاهَا مِنَ الوَفَاءِ بِمَا كَانَتْ نَذَرَتْهُ بِمَا أَخَذَ مِنْهَا.
[قالَ أبو المُطَرِّفِ]: مَنْ حَلَفَ باللهِ ﷿، أَو بِشَيء مِنْ أَسْمَائهِ، أو
1 / 316