مُسْتَلْقٍ علَى ظَهْرِه في المَسْجِدِ" (١)، وَهُو حَدِيثٌ لم يَرْوِه أَهْلُ المَدِينَةِ، والعَمَلُ عِنْدَهُم بِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبَّادِ بنِ تَمِيمٍ، عَنْ عُمِّهِ: "أنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللهِ ﷺ مُسْتَلْقِيًا في المَسْجِدِ وَاضِعًَا إحْدَى رِجْلَيْهِ على الأخرَى"، وهذَا حَدِيثٌ صحِيحٌ، وفَعَلَهُ أَبو بَكْرٍ وعُمَرُ وعُثْمَانُ.
* قَوْلُ ابنِ مَسْعُودٍ للرَّجُلِ: (إنَّكَ في زَمَانٍ كَثير فُقَهَاؤُهُ، قَلِيل قُرَّاؤُهُ) [٥٩٧]، يعنِي: أَنَّهُم يَتَحَفَّظُونَ القُرْآنَ ويتَفَقَّهُونَ فِيما يَحْفَظُوا مِنْهُ، فَمَنَعَهُم تَعَلُّمُهُم للفِقْه مِنْ كَثْرَةِ القِرَاءَةِ بِغَيْرِ تَفَقُّه، ويَشْغُلُهُم حِفْظُ حُدُودِ القُرْآنِ عَنْ حِفْظِ حُرُوفهِ.
وقَوْلُه: (قَلِيلٌ مَنْ يَسْأَلُ كَثير مَنْ يُعْطِي) يعنِي: أنَّ المُعَلِّمَ كَانَ أَحْرَصَ على تَعَلُّمِ المُتَعَلِّمِ مِنَ المُتَعَلِّم على التَّعْلِيمِ.
وقَوْلُه: (يُبَدُّونَ فيهِ أَعْمَالَهُم قبلَ أَهْوَائِهِم) يعنِي: يُبَدُّونَ فيهِ الحَقَّ بِمَا افْتُرِضَ عَلَيْهِم قَبْلَ اتِّبَاعِهِم لأَهْوَائِهِم التي تَقْصُرُ بِهم عَنِ الطَاعَاتِ واكْتِسَابِ الحَسَنَاتِ.
ثُمَّ وَصَفَ صِفَةَ مَنْ يَأْتِي آخِرَ الزَّمَانِ: أَنَّ قُرَّاءَهُم كَثِيرٌ، وفُقَهَاءَهُم قَلِيلٌ، والعَالِمَ مَفْتُونٌ مُتَّبِع لِهَوَاهُ، يُكْثِرُ خَطِيبُهُم المَوَاعِظَ في خُطْبَتِهِ، ويُطُولُهَا قَبْلَ مَنْ يَنتفِعَ بِها مِنْهُم، ويُقْصِرُونَ الصَّلَاةَ، بِخِلاَفِ فِعْلِ السَّلَفِ الصَّالح، ولَمْ يَقُلْ هذا ابنُ مَسْعُودٍ إلَّا وقد سَمِعَهُ مِنَ النبيِّ ﷺ، واللهُ أعلمُ.
* قَوْلُهُ - عليهِ السَّلاَمُ -: "إنَّما مَثَلُ الصَّلَاةِ كَمَثَلِ نَهر غَمْرٍ عَذْبٍ" [٦٠٠] وذَكَرَ الحَدِيثَ، يَقُولُ: كَمَا يُنَقِّي النَّهْرُ الكَثيرُ المَاءَ مِن اغْتَسلَ فيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاب كَذَلِكَ تَفْعَلُ الصلَواتُ الخَمْسُ بِمَنْ صَلَّاهَا، قالَ اللهُ ﷿: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ [هود: ١١٤].
* قالَ أَبو المُطَرِّفِ: البُطَيْحَاءُ التي بَنَاهَا عُمَرُ كَانَتْ دُكَّانًا كَبِيرًَا بِجَانِبِ مَسْجِدِ رَسُولِ الله ﷺ[٦٠٢] (٢)