حوله من الناس ، بحيث لا يطغى جانب على جانب.
إن التأكيد على خط الاستقامة ينطلق من الخضوع للخط الإلهي الرسالي ، فلا ينحرف الإنسان عنه ، ولا يتمرد فيه على أوامر الله ونواهيه.
أما الاستقامة في المضمون ، فإنها تنطلق من حركة المصلحة التي أراد الله لها أن تشمل كل حياة الإنسان في مفردات التشريع ، بحيث يشعر بأن حياته مع الشريعة تنطلق في وضع طبيعي ، وحركة موزونة ، لا تبعد به عن سلامته الروحية والجسدية ، في حياته الفردية والاجتماعية.
وهذا ما تختزنه كل الرسالات التي أنزلها الله على رسله ، ليبلغوها عباده ، ليقوم الناس بالقسط ، لأن الله أراد من الإنسان أن يصل إلى مستوى الكمال في خط التوازن في حاجاته ومصالحه.
ولعل الفكرة تزداد وضوحا إذا قرأنا الآيات التي تحدثت عن الصراط المستقيم. قال تعالى : ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ) [الأنعام : 153] والملحوظ أن الإشارة متعلقة بما ورد في الآيتين السابقتين في قوله تعالى : ( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ) في الآيتين (150 و151) من سورة الأنعام.
وقال تعالى في حديثه عن إبليس في خطابه لله : ( قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم* ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ). [الأعراف : 16 17].
فإن الشيطان يتحدث عن الحاجز الذي يضعه أمامهم في خط الصراط المستقيم لينحرف بهم عنه ، فلا يشكرون الله في ما يتمثل فيه ترك الشكر من تجسيد الانحراف عن طاعة الله التي هي المضمون الحي للصراط المستقيم.
Página 83