خط الزمن ، من الماضي إلى الحاضر ، ليطل على المستقبل في خط الخصوصية التي تتجسد في جميع المراحل والأفراد.
وهناك حديث آخر قد يطل بالمسألة على وجه آخر ، وهو ما رواه الصدوق عن أبيه عن علي بن الحكم عن محمد بن الفضيل عن بشر الوابشي عن جابر بن يزيد الجعفي قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن شيء من التفسير فأجابني ، ثم سألته عنه ثانية فأجابني بجواب آخر فقلت : جعلت فداك كنت اجبتني في هذه المسألة بجواب غير هذا قبل اليوم؟ فقال يا جابر إن للقرآن بطنا وللبطن بطن ، وله ظهر وللظهر ظهر ، يا جابر : ليس شيء أبعد عن عقول الرجال من تفسير القرآن ، إن الآية يكون أولها في شيء وآخرها في شيء وهو كلام متصل متصرف على وجوه » (1).
إن هذا الحديث قد يوحي لأول وهلة بالتعدد في المعنى للكلمة الواحدة من خلال دلالته على تعدد التفسير ، والتأكيد على أن لظاهر الكلمة ظهرا ولباطنها بطنا ، ولكن التدقيق فيه يدل على أنه يريد معالجة الآية في مدلولها لا في كلماتها ، فنحن نلاحظ أن بعض الآيات قد تنطلق في الحديث عن عدة جوانب للفكرة ، بحيث تتكامل في الخط الواحد الذي تتعدد آفاقه وجوانبه ، فقد تجد للمسألة الواحدة جانبا يتصل بالأخلاق ، وجانبا آخر يتصل بالاجتماع ، وثالثا يتصل بالسياسة وهكذا ، مما يجعل من الممكن أن يتحدث عنها الإنسان الباحث من عدة جوانب ، بحيث يبدو الحديث عن كل جانب كما لو كان مدلولا لآية بشكل مستقل. ولعل هذا هو مراد الإمام عليه السلام في اتصال الكلام من خلال وحدة مضمونه ، وتصرفه على وجوه من خلال تعدد جوانبه ، فيمكن للمعنى الذي نزل به القرآن أن يجتذب معنى آخر ، كما يمكن للإيحاءات التي توحي بها الآية أن تجتذب إيحاء آخر.
Página 14