Tafsir Majmac Bayan
مجمع البيان في تفسير القرآن - الجزء1
Géneros
(1) - عن معنى الاستواء في صفة الله عز وجل فقال الاستواء الإقبال على الشيء يقال كان فلان مقبلا على فلان[يشتمه]ثم استوى علي وإلي يكلمني على معنى أقبل إلي وعلي فهذا معنى قوله «ثم استوى إلى السماء» وقوله «فسواهن سبع سماوات» التسوية جعل الشيئين أو الأشياء على استواء يقال سويت الشيئين فاستويا وإنما قال «فسواهن» فجمع الضمير العائد إلى السماء لأن السماء اسم جنس يدل على القليل والكثير كقولهم أهلك الناس الدينار والدرهم وقيل السماء جمع سماوة وسماءة ولذلك يؤنث مرة ويذكر أخرى فقيل السماء منفطر به كما يفعل ذلك بالجمع الذي بينه وبين واحده الهاء نحو نخل ونخلة وبقر وبقرة وقيل إن السماوات كانت سماء فوق سماء فهي في التقدير واحدة وتكون الواحدة جماعة كما يقال ثوب أخلاق وأسمال وبرقة أعشار وأرض أعقال والمعنى أن كل ناحية منها كذلك فجمع على هذا المعنى جعلهن سبع سموات مستويات بلا فطور ولا أمت قال علي بن عيسى أن السموات غير الأفلاك لأن الأفلاك تتحرك وتدور والسموات لا تتحرك ولا تدور لقوله «إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا» وهذا قول ضعيف لأن قوله أن تزولا معناه لا تزول عن مراكزها التي تدور عليها ولو لا إمساكه لزالت عنها.
سؤال
ظاهر قوله تعالى «ثم استوى إلى السماء» يوجب أنه خلق الأرض قبل السماء لأن ثم للتعقيب والتراخي وقوله في سورة أخرى «والأرض بعد ذلك دحاها» بخلافه فكيف يجمع بينهما الجواب معناه أن الله خلق الأرض قبل السماء غير أنه لم يدحها فلما خلق السماء دحاها بعد ذلك ودحوها بسطها ومدها عن الحسن وعمرو بن عبيد وقد يجوز أيضا أن لا يكون معنى ثم وبعد في هذه الآيات الترتيب في الأوقات وإنما هو على جهة تعداد النعم والتنبيه عليها والإذكار لها كما يقول القائل لصاحبه أليس قد أعطيتك ثم رفعت منزلتك ثم بعد هذا كله فعلت بك وفعلت وربما يكون بعض ما ذكره متقدما في اللفظ كان متأخرا لأن المراد لم يكن الإخبار عن أوقات الفعل وإنما المراد التذكير كما ذكره وقوله «وهو بكل شيء عليم» ولم يقل قدير لأنه لما وصف نفسه بالقدرة والاستيلاء وصل ذلك بالعلم إذ بهما يصح وقوع الفعل على وجه الإتقان والإحكام وأيضا فإنه أراد أن يبين أنه عالم بما يؤول إليه حاله وحال المنعم به عليه فتتحقق بذلك النعمة وفي هذه الآية دلالة على أن صانع السماء والأرضقادر وعالم وأنه تعالى إنما يفعل الفعل لغرض وأن له تعالى
Página 173