قال قتادة: (كان الرجل يطوف في الحي العظيم فيه القوم؛ فيدعوهم إلى الشهادة؛ فلا يتبعه أحد منهم؛ فأنزل الله هذه الآية).
وقال الشعبي: (هو مخير في تحمل الشهادة إذا وجد غيره، فإذا لم يوجد غيره وجب عليه التحمل). وقال بعضهم: هذا أمر ندب؛ وهو مخير في جميع الأحوال، وهو قول عطاء. وقال المغيرة: (قلت لإبراهيم: إني أدعى إلى الشهادة؛ وإني أخاف أن أنسى، قال: فلا تحمل إن شئت). وقال الحسن: (هذه الآية في التحمل والإقامة إذا كان فارغا).
قوله تعالى: { ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله }؛ أي لا تملوا أن تكتبوا الحق قليلا كان أو كثيرا إلى محله، يقال: سأمت أسأم سئامة؛ إذا مللت، قال زهير:
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش
ثمانين حولا لا أبا لك يسأم
وقال لبيد:
ولقد سئمت من الحياة وطولها
وسؤال هذا الناس كيف لبيد؟
و (أن) في موضع نصب من وجهين؛ إن شئت جعلته مع الفعل مصدرا؛ وأوقعت السئامة عليه؛ تقديره: ولا تسأموا كتابته. وإن شئت نصبه بنزع الخافض، و(الهاء) راجعة إلى الحق؛ أي ولا تسأموا من أن تكتبوه.
وقرأ السلمي: (ولا يسأموا) بالياء، وقوله تعالى: { صغيرا أو كبيرا } انتصب من وجهين؛ أحدهما: على الحال من الهاء.
Página desconocida