279

Tafsir Kabir

التفسير الكبير

Géneros

[2.254]

قوله عز وجل: { يأيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقنكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة }؛ حث على الانفاق في الجهاد في سبيل الله. وقيل: هو الأمر بالزكاة المفروضة. وقوله تعالى: { من قبل أن يأتي يوم } يعني يوم القيامة { لا بيع فيه } أي ليس فيه فداء { ولا خلة } أي ليس فيه خلة لغير المؤمنين. وأما المؤمنون فتكون لهم خلة كما قال تعالى:

الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين

[الزخرف: 67]. قوله تعالى: { ولا شفاعة } أي لغير المؤمنين، وأما المؤمنون فيشفع بعضهم لبعض ويشفع لهم الأنبياء والرسل عليهم السلام.

قوله تعالى: { والكفرون هم الظلمون }؛ أي هم الذين ظلموا أنفسهم حتى لا خلة لهم ولا شفاعة. وكان عطاء يقول: (الحمد لله الذي لم يقل: والظالمون هم الكافرون؛ لأن كل كافر ظالم وليس كل ظالم كافرا).

[2.255]

قوله عز وجل: { الله لا إله إلا هو الحي القيوم }؛ ذكر وحدانية الله تعالى وصفته؛ ليعلم أن من كان بهذه الصفة لا يخفى عليه كفر من كفر ومعصية من عصى؛ فيجازي كل عابد على ما عمل. فأول هذه الآية نفي معبود الكفار وإثبات معبود المؤمنين؛ وإثبات الشيء مع نفي غيره أبلغ في الإثبات، كأنه قال: { الله لا إله إلا هو } دون غيره، وهو المعبود لا معبود للخلق سواه.

ومعنى { الحي القيوم } الدائم الذي لا يموت موصوف بالبقاء على الأبد، وبه حيى كل حي. وأما القيوم فهو القائم بتدبير الخلق في شأنهم وأرزاقهم وأعمالهم وآجالهم ومجازاتهم على عملهم، وقيل: معنى القيوم العالم بالأمور من قولهم: فلان يقوم بهذا الكتاب؛ أي يحسنه ويعلم ما فيه. وقيل: معنى { الحي القيوم } الدائم الذي لا يزول.

قوله عز وجل: { لا تأخذه سنة ولا نوم }؛ أي لا يأخذه نعاس ولا نوم. والنعاس: اسم لأول ما يدخل في الرأس من النوم قبل وصوله إلى القلب. والنوم هو الذي يصل إلى القلب فيستثقل. ومعنى الآية: لا يغفل عن تدبير الخلق، فإن قيل: ما معنى نفي النوم بعد نفي النعاس؟ قلنا: مثل هذا اللفظ إنما يكون لنفي قليل النوم وكثيره، ونظيره قول العرب: فلان لا يملك قليلا ولا كثيرا.

قوله تعالى: { له ما في السموت وما في الأرض }؛ أي هو مالك السموات والأرض وما فيهما، كلهم عبيده وإماؤه وتحت قبضته وقدرته.

Página desconocida