243

Tafsir Kabir

التفسير الكبير

Géneros

يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان

[الرحمن: 22] وإنما يخرج ذلك من أحدهما؛ كذلك في هذه الآية أراد بقوله تعالى: { فلا جناح عليهما } نفي الحرج عن الزوج في الأخذ: فأما المرأة فهي مفتدية باختيارها ورضاها).

وإنما يباح للزوج أن يخلعها إذا كان النشوز من قبل المرأة؛ وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: (لو اختلعت بكل شيء لها لأخذته).

وروي أن امرأة نشزت فرفعت إلى عمر رضي الله عنه فأباتها في بيت الزبل ثلاث ليال ثم دعا بها فقال رضي الله عنه: (كيف وجدت مبيتك؟) فقالت: ما بت ليالي منذ كنت عنده أقر لعيني منهن. فقال عمر رضي الله عنه لزوجها: (اخلعها، ولو بقرطها).

قوله تعالى: { تلك حدود الله فلا تعتدوها }؛ الآية ؛ أي هذه الآيات المنزلة من الأوامر والنواهي فرائض الله وأحكامه { فلا تعتدوها } أي فلا تتجاوزوها، { ومن يتعد حدود الله }؛ أي من يتجاوز أحكام الله ويترك ما أمر الله به أو يعمل بما نهاه، { فأولئك هم الظلمون }؛ الضارون لأنفسهم بمعصيتهم. وإذا كان النشوز من قبل الزوج، فلا يحل له أخذه شيئا منها ديانة؛ لقوله تعالى:

وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا

[النساء: 20].

واختلف السلف رضي الله عنهم في الخلع؛ هل هو طلاق أو فسخ؛ فذهب بعضهم إلى أنه فسخ؛ وهي رواية عن ابن عباس، واستدلوا بظاهر هذه الآية؛ فقالوا: إن الله ذكر الطلاق الثالث بعد هذا بقوله: { فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره }؛ فلو كان الخلع طلاقا لجعل الطلاق أكثر من ثلاث.

وأكثر فقهاء الأمصار قالوا: الخلع طلاق؛ وهو " رواية عن " عمر وعثمان وابن مسعود والحسن وإبراهيم النخعي وغيرهم. وليس في ظاهر الآية أن الخلع فسخ؛ لأن قوله تعالى: { ولا يحل لكم أن تأخذوا } حكم مبتدأ؛ إذ (الواو) للاستئناف؛ إلا أن يقوم دليل الجمع، فكأن الله تعالى ذكر في أول هذه الآية حكم الطلاق بغير بدل وخير الزوج بين أن يراجعها في العدة أو يتركها حتى تنقضي عدتها، ثم استأنف بيان حكم الطلاقين إذا كان على وجه الخلع، وأبان عن موضع الحظر والإباحة فيها، ثم ذكر حكم الطلقة الثالثة بالآية التي بعد هذه الآية. وهذا مما يستدل به على أن المختلعة يلحقها الطلاق؛ لأن عامة الفقهاء اتفقوا على أن تقدير الآية وترتيب أحكامها على ما وصفناه؛ فحصلت التطليقة الثالثة بعد الخلع. شرط في إباحتها للأول؛ إلا ما روي عن سعيد بن المسيب رواية شاذة: أنه لم يجعله شرطا؛ ولم يتابعه أحد على ذلك.

وإنما جعل دخول الزوج الثاني بها شرطا لمفهوم الآية وورود السنة أما مفهوم الآية؛ فلأن الله تعالى قال: { حتى تنكح زوجا غيره } والنكاح هو الوطء في الحقيقة، وذكر الزوج يفيد العقد لاستحالة أن يكون زوجا من غير عقد، فكأن قوله { حتى تنكح زوجا } كناية مفهمة مغنية عن التصريح.

Página desconocida