قال جالينوس: إن أبقراط لم يقل هذا PageVW1P095A القول في كمية ما * يستفرغ (176) كما توهم قوم، لكنه إنما قاله في كيفيته فقط، ومما يدل على ذلك * تكريره (177) اسم النوع في قوله هذا مرتين. PageVW6P003B وذلك أنه تقدم فقال في الاستفراغ الذي يكون * طوعا (178) : إن * استفرغ (179) البدن «من النوع الذي ينبغي أن ينقى منه نفع ذلك وسهل احتماله». ثم قال في الاستفراغ الذي يكون بالعلاج إن خلت العروق «من النوع الذي ينبغي أن يخلو منه نفع ذلك وسهل احتماله». وقد كان * يمكنه (180) أن يقول: إن استفرغ البدن بالمقدار الذي ينبغي أن * ينقى (181) ، وأيضا إن خلت * العروق (182) من * المقدار (183) الذي ينبغي أن يخلوا منه . والدليل على هذا أيضا قوله «ينقى * منه (184) ». وذلك أنه لم يستعمل اللفظة التي هي أعم فيقول: إن استفرغ البدن من النوع الذي ينبغي أن * يستفرغ (185) منه، * لكنه (186) قال «من النوع الذي ينبغي أن ينقى منه». وإنما يكون النقي أمر الشيء المؤذي بكيفيته. وقد أخطأ في هذا أكثر المفسرين ولم يفهموا كلام * الرجل (187) ولا معناه. وخطأهم في أن بعضهم فهم من قوله «خلاء العروق » أي ترك الطعام، * وبعضهم (188) فهم * عنه (189) إخراج الدم، وخطأ هؤلاء أكثر من خطأ أولائك وأفحش. وذلك أن أبقراط يسمي كل استفراغ خلاء العروق * من (190) قبل ما يعرض * منه (191) ، لأنه يعرض للعروق أن تخلو في كل استفراغ. فقوله هذا إنما هو كما قلنا في كيفية ما يستفرغ. وكما أن أبقراط يأمر في جميع الحالات يقتدي الطبيب بما تفعله الطبيعة على ما ينبغي، كذلك فعل في هذا الموضع أيضا فقدم القول في جزء الاستفراغ الذي يكون طوعا فقال إنه إذا استفرغ من البدن ما ينبغي، يعني به الأشياء المؤذية، نفع ذلك وسهل احتماله. PageVW1P095B وإن كان الاستفراغ من غير الشيء المؤذي كان الأمر على الضد، * يعني (192) أنه لا ينفع وينال المريض في احتماله مشقه. وكذلك * أيضا (193) إن التمس الطبيب للبدن استفراغا * ما (194) فليكن للاشياء المؤذية كالذي أمر به في مواضع أخر أن يستفرغ الكيموس الذي يؤذي لا غيره. فإن كان البلغم قد غلب * في (195) البدن فينبغي أن * يكون (196) هو الذي يستفرغ بكل وجه يمكن به استفراغه. وإن * كانت (197) المرة الصفراء أو السوداء هي الموذية للبدن فينبغي ألا * يتعرض (198) للبلغم ويستفرغ المرة المؤذية * للبدن (199) . وكذلك أيضا إن كان الغالب في البدن الدم فإنما ينبغي أن يستفرغ الدم، وإن كان الغالب مائية الدم فإياها ينبغي أن يستفرغ. وينبغي أن يستدل على الكيموس * الغالب (200) في البدن بلون البدن إلا أن تكون الكيموسات قد غارت في عمق البدن. * فقد (201) قال أبقراط إن اللون دال على الكيموسات ما لم تغر في عمق البدن. * وإذا (202) كانت الكيموسات على هذه الحال قد غارت * وليست (203) بمنثته في البدن كله بالسواء فيحتاج حينئذ خاصة إلى أن ينظر مع ما نظرت في الوقت الحاضرة من أوقات السنة والبلد والسن والأمراض هل توجب استفراغ ما هممت باستفراغه أم لا. فإن لكل واحد من الكيموسات إذا غلب في البدن علامات خاصية سذكرها ذكرا PageVW6P004A شافيا فيما بعد، لكن قد ينبغي أن ننظر أيضا في الوقت الحاضر من أوقات السنة والبلد الذي مرض فيه ذلك المريض وفي سنه وفي نوع مرضه ليستتم الاستدلال. فانزل أنه ظهر PageVW1P096A في المثل في البدن علامات * تدل (204) على أن المرة الصفراء قد غلبت عليه، * فأقول (205) إنك تحتاج * أن (206) تنظر * أيضا (207) * هل (208) الوقت * الحاضر (209) * صيفا (210) وهل البلد * حارا (211) وهل المريض في مشهي الشباب. وكذلك إذا رأيت علامات البلغم تحتاج أن ننظر هل الوقت الحاضر شتاء وهل البلد * باردا (212) وهل المريض * شيخا (213) . وينبغي أن تنظر مع هذه الأشياء كلها في * نفس (214) طبيعة المرض. مثال ذلك أن حمى الغب في * المثل (215) من غلبه * المرة (216) الصفراء، وحمى * الربع (217) من غلبه السوداء، والحمى الثانية في كل يوم من غلبه * البلغم (218) ، والحمى المطبقة هي من غلبه الدم وكذلك الورم المعروف بالفلغموني هو من غلبه الدم والمعروف باوذيما هو من غلبه * البلغم (219) ، والسرطان * هو (220) من غلبه السوداء، والحمرة من غلبه * المرة (221) الصفراء، وكل واحد من سائر الأمراض * على (222) هذا المثل. فإنا نحن إن تحشى عن هذه الوجوه كلها * كنا (223) من استفراغ ما يستفرغ من الكيموس الذي يؤذي على بصيره أصح وأوكد. فقد تبين أن أقبح المفسرين قولاهم الذين توهموا أن قوله هذا إنما هو في * الممتنع (224) من الغذاء في الحمى فقط. وذلك أن أبقراط لم يذكر في قوله هذا الحمى وقوله عام في جميع الأشياء الخارجة عن الأمر الطبيعي فعلمنا فيه أغراضا إذا قصدنا إليها ونظرنا فيها وجدناها كيفية الاستفراغ لا كميته. وإنما يذكر كميته في الفصل الذي يأتي بعد هذا. وسنذكر بعد في فصول أخر في أي وقت من أوقات المرض ينبغي أن تروم الاستفراغ وبأي وجه ينبغي أن تفعل. * فليس (225) تضطر في الأمر إلى ذكر هذه الأشياء في هذا الموضع، لأني إن ذكرتها لم أت بشيء أحسن مما قاله أبقراط وأكون قد طولت تفسيري بكلام ليس يضطر إليه شيء.
3
[aphorism]
Página 9