118

Tafsir Ibn Kathir

تفسير ابن كثير

Investigador

سامي بن محمد السلامة

Editorial

دار طيبة للنشر والتوزيع

Número de edición

الثانية

Año de publicación

1420 AH

Géneros

Exégesis
هَذَا عَمِلْتُ فِيهِ مِثْلَ الَّذِي يَعْمَلُ". قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "فَهُمَا في الوزر سواء". إسناد صحيح (١)

(١) المسند (٤/ ٢٣٠) .
خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهال، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَد، سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ". وَأَقْرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي إِمْرَةِ عُثْمَانَ، ﵁، حَتَّى كَانَ الْحَجَّاجُ قَالَ:
وَذَاكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا (١) .
وَقَدْ أَخْرَجَ الْجَمَاعَةُ هَذَا الْحَدِيثَ سِوَى مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْ عَلْقَمة بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبٍ السُّلَمِيُّ ﵀ (٢) .
وَحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: " إِنَّ أَفْضَلَكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ " (٣) .
وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طرقٍ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ (٤) كَمَا رَوَاهُ شُعْبَةُ وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَلَيْهِ فِيهِ، وَهَذَا الْمَقَامُ مِمَّا حُكِمَ لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فِيهِ عَلَى شُعْبَةَ، وَخَطَّأَ بُنْدَار يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ فِي رِوَايَتِهِ ذَلِكَ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَالَ: رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ مِنْ أَصْحَابِ سُفْيَانَ عَنْهُ، بِإِسْقَاطِ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، وَرِوَايَةُ سُفْيَانَ أصحُ فِي هَذَا الْمَقَامِ الْمُتَعَلِّقِ بِصِنَاعَةِ الْإِسْنَادِ، وَفِي ذِكْرِهِ طُولٌ لَوْلَا الْمَلَالَةُ لَذَكَرْنَاهُ، وَفِيمَا ذُكِرَ كِفَايَةٌ وَإِرْشَادٌ إِلَى مَا تُرِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْغَرَضُ أَنَّهُ، ﵊، قَالَ: " خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ " وَهَذِهِ مِنْ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتَّبِعِينَ لِلرُّسُلِ، وَهُمُ الكُمل فِي أَنْفُسِهِمُ، الْمُكَمِّلُونَ لِغَيْرِهِمْ، وَذَلِكَ جَمْعٌ بَيْنَ النَّفْعِ الْقَاصِرِ وَالْمُتَعَدِّي، وَهَذَا بِخِلَافِ صِفَةِ الْكُفَّارِ الْجَبَّارِينَ الَّذِينَ لَا يَنْفَعُونَ، وَلَا يَتْرُكُونَ أَحَدًا مِمَّنْ أَمْكَنَهُمْ أَنْ يَنْتَفِعَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ﴾ [النَّحْلِ: ٨٨]، وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ﴾ [الْأَنْعَامِ: ٢٦]، فِي أَصَحِّ قَوْلَيِ (٥) الْمُفَسِّرِينَ فِي هَذَا، وَهُوَ أَنَّهُمْ يَنْهَوْنَ النَّاسَ عَنِ اتِّبَاعِ الْقُرْآنِ مَعَ نَأْيِهِمْ وَبُعْدِهِمْ عَنْهُ، فَجَمَعُوا بَيْنَ التَّكْذِيبِ وَالصَّدِّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا﴾ [الْأَنْعَامِ: ١٥٧]، فَهَذَا شَأْنُ (٦) الْكُفَّارِ، كَمَا أَنَّ شَأْنَ خِيَارِ الْأَبْرَارِ أَنْ يَكْمُلَ فِي نَفْسِهِ وَأَنْ يَسْعَى فِي تَكْمِيلِ غَيْرِهِ كَمَا قَالَ ﵇: " خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ "، وَكَمَا قَالَ [اللَّهُ] (٧) تَعَالَى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [فصلت: ٣٣]،

(١) صحيح البخاري برقم (٥٠٢٧) .
(٢) سنن أبي داود برقم (١٤٥٢) وسنن الترمذي برقم (٢٩٠٧) وسنن النسائي الكبرى برقم (٨٠٣٧) وسنن ابن ماجة برقم (٣١١) .
(٣) صحيح البخاري برقم (٥٠٢٨) .
(٤) سنن الترمذي برقم (٢٩٠٨) وسنن النسائي الكبرى برقم (٨٠٣٨) وسنن ابن ماجة برقم (٣١٢) .
(٥) في جـ: "قول".
(٦) في ط، جـ: "شأن شرار".
(٧) زيادة من ط.

1 / 67