Tafsir Bayan Sacada
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
Géneros
{ إن الذين كفروا } ابتداء كلام من الله منقطع عن سابقه، ويجوز ان يكون من جملة مقول المؤمنين تعليلا للسابق والمراد بالكفر الكفر بالولاية فان الآية تعريض بالامة ويدل عليه قوله تعالى كذبوا بآياتنا { لن تغني عنهم } اغنى زيدا عن عمر وجعله غنيا عن الاحتياج الى عمرو، واغنى العذاب عن زيد جعل العذاب غنيا عن الاحتياج الى زيد كأن العذاب محتاج اليه فى وروده فجعله غنيا عنه كناية عن دفعه عنه فالمعنى لن تدفع عنهم { أموالهم ولا أولادهم من الله } حال عن قوله تعالى { شيئا } اى لن تدفع شيئا حال كونه نازلا من الله { وأولئك هم وقود النار } فى الجحيم كما انهم فى الدنيا وقود نار الغضب والحرص والحسد وغيرها.
[3.11-12]
{ كدأب آل فرعون } اى شأنهم وديدنهم وهو متعلق بلن تغنى، او بوقود النار، او خبر لمحذوف { والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا } بالرسل واوصيائهم وسائر الآيات { فأخذهم الله } التفات من التكلم الى الغيبة لان المؤاخذة لا تكون الا فى المظاهر الدانية لله بخلاف الآيات فانها منسوبة اليه تعالى باعتبار المقام العالى { بذنوبهم والله شديد العقاب قل } يا محمد (ص) { للذين كفروا ستغلبون } فى الدنيا وحال الموت وفى البرازخ وفى المحشر { وتحشرون } بعد الانتهاء الى المحشر { إلى جهنم وبئس المهاد } نسب الى الرواية انه لما اصاب رسول الله (ص) قريشا ببدر وقدم المدينة جمع اليهود فى سوق قينقاع فقال:
" يا معشر اليهود احذروا من الله مثل ما نزل بقريش يوم بدر وأسلموا قبل ان ينزل بكم ما نزل بهم فقد عرفتم انى نبى مرسل تجدون ذلك فى كتابكم فقالوا: يا محمد (ص) لا يغرنك انك لقيت قوما اغمارا لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة اما والله لو قاتلتنا لعرفت انا نحن الناس "
فأنزل الله هذه الآية وقد فعل الله ذلك بهم وصدق وعده بقتل بنى قريظة واجلاء بنى النضير وفتح خيبر ووضع الجزية على من بقى منهم وغلب المشركين وهو من دلائل النبوة.
[3.13]
{ قد كان لكم } ايها اليهود او مطلق الكفار او مطلق الناس من المسلمين والكفار { آية } علامة دالة على صدق محمد (ص) فى رسالته { في فئتين التقتا } ببدر { فئة } قليلة عددهم ثلاثمائة وثلاثة عشر { تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة } كثيرة عددهم قريب من الالف وهم مشركوا مكة { يرونهم } الفاعل راجع الى الفئة المسلمة او الكافرة والمفعول اما راجع الى مرجع الفاعل او الى مقابله وهكذا ضمير قوله تعالى { مثليهم } راجع الى مرجع الفاعل او مقابله والكل صحيح بحسب المعنى وبحسب اللفظ فان المسلمين رأوا المشركين قليلين ليجترؤا عليهم ولعلهم رأوهم قبل الغزو كثيرين ليلتجئوا الى الله ولا يتكلوا على عددهم وقوتهم، والمشركين رأوا المسلمين قليلين قبل الغزو ليقدموا على المقاتلة ثم رأوهم كثيرين حين الغزو ليجنبوا ويهزموا { رأي العين } لا رأى الخيال { والله يؤيد بنصره من يشآء إن في ذلك } التقليل والتكثير والغلبة من القليل على الكثير { لعبرة لأولي الأبصار } المدركة من الاشياء ما يعتبرون به ولما صار المقام مقام ان يسأل ما كان سبب توقف الناس عن القبول بعد وضوح الآيات اجاب بانه { زين للناس }.
[3.14]
{ زين للناس } اى ذوى النسيان لا الانسان { حب الشهوات } الشهوة هى المحبة النفسانية والحب اعم منها، وتزيين الشيء اراءته بحيث يكون مرغوبا فيه للرائى وتعليق التزيين على الحب للاشارة الى ان تزين الشيء وتزيينه ليس الا من حيث نفس الحب لا من حيث شيء آخر ولا من حيث خصوصيات المحبة من كونها شهوة او حبا الهيا او عشقا او شوقا، واضافة الحق الى الشهوات للاشارة الى ان المانع من الاعتبار هو الحب الحاصل فى ضمن الشهوة وعلى هذا فالحب والشهوة على معانيهما المصدرية وقوله تعالى { من النساء } حال من الشهوات ولفظة من ابتدائية وتقديم النساء لكونهن اتم فى الاشتهاء من سائر المشتهيات { والبنين } بل مطلق الاولاد لكن لكراهة بعض النفوس للبنات على الاطلاق وكراهة بعضها لهن قبل وجودهن ونموهن لم يذكرهن فى المشتهيات { والقناطير } جمع القنطار وهو اربعون وقية من الذهب، او الف ومائتا دينار، او ثمانون الف درهم، او مئة رطل من ذهب، او فضة، او الف ومائتا اقية او سبعون الف دينار او ملء مسك ثور ذهبا او فضة { المقنطرة } التامة المكملة { من الذهب والفضة والخيل المسومة } المرعاة او المعلمة او الحسنة من السيماء { والأنعام } الثلاثة البقر والغنم والابل { والحرث } الكسب او جمع المال او الزرع { ذلك متاع الحياة الدنيا } جواب لسؤال مقدر كأنه قيل: ما حالها؟ - ومتى يكون التمتع بها؟ - وما لمن تركها؟ - { والله عنده حسن المآب } لمن تركها.
[3.15]
Página desconocida