Tafsir Bahr Muhit
البحر المحيط في التفسير
Editor
صدقي محمد جميل
Editorial
دار الفكر
Edición
١٤٢٠ هـ
Ubicación del editor
بيروت
لُغَتَانِ: فَتْحُ الْهَاءَ، وَهِيَ اللُّغَةُ الْعَالِيَةُ، وَالسُّكُونُ، وَعَلَى الْفَتْحِ جَاءَ الْجَمْعُ أَنْهَارًا قِيَاسًا مُطَّرِدًا إِذْ أَفْعَالٌ في فعل الاسم الصحيح الْعَيْنِ لَا يَطَّرِدُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ جَاءَتْ مِنْهُ أَلْفَاظٌ كَثِيرَةٌ، وَسُمِّي نَهْرًا لاتساعه، وأنهر: وَسِعَ، وَالنَّهَارُ لِاتِّسَاعِ ضَوْئِهِ.
التَّشَابُهُ: تَفَاعُلٌ مِنَ الشَّبَهِ وَالشَّبَهُ الْمَثَلُ. وَتَفَاعُلٌ تَأْتِي لِسِتَّةِ مَعَانٍ: الِاشْتِرَاكُ فِي الْفَاعِلِيَّةِ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظِ، وَفِيهَا وَفِي الْمَفْعُولِيَّةِ مِنْ حيث المعنى، والإبهام، وَالرَّوْمُ، وَمُطَاوَعَةُ فَاعَلَ الْمُوَافِقِ أَفْعَلَ، وَلِمُوَافَقَةِ الْمُجَرَّدِ وَلِلْإِغْنَاءِ عَنْهُ. الزَّوْجُ: الْوَاحِدُ الَّذِي يَكُونُ مَعَهُ آخَرُ، وَاثْنَانِ: زَوْجَانِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: زَوْجٌ، وَلِامْرَأَتِهِ أَيْضًا زَوْجٌ وَزَوْجَةٌ أَقَلُّ. وَذَكَرَ الْفَرَّاءُ أَنَّ زَوْجًا الْمُرَادُ بِهِ الْمُؤَنَّثُ فِيهِ لُغَتَانِ: زَوْجٌ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَزَوْجَةٌ لُغَةُ تَمِيمٍ وَكَثِيرٍ مِنْ قَيْسٍ وَأَهْلِ نَجْدٍ، وَكُلُّ شَيْءٍ قُرِنَ بِصَاحِبِهِ فَهُوَ زَوْجٌ لَهُ، وَالزَّوْجُ: الصِّنْفُ وَمِنْهُ: زَوْجٌ بَهِيجٌ، أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا. الطَّهَارَةُ: النَّظَافَةُ، وَالْفِعْلُ طَهَرَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَهُوَ الْأَفْصَحُ، وَطَهُرَ بِالضَّمِّ، وَاسْمُ الْفَاعِلِ مِنْهُمَا طَاهِرٌ. فَعَلَى الْفَتْحِ قِيَاسٌ وَعَلَى الضَّمِّ شَاذٌّ نَحْوَ: حَمُضَ فَهُوَ حَامِضٌ، وَخَثُرَ فَهُوَ خَاثِرٌ. الْخُلُودُ: الْمُكْثُ فِي الْحَيَاةِ أَوِ الْمُلْكِ أَوِ الْمَكَانِ مُدَّةً طَوِيلَةً لَا انْتِهَاءَ لَهَا وَهَلْ يُطْلَقُ عَلَى الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ الَّتِي لَهَا انْتِهَاءٌ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ أَوْ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ قَوْلَانِ، وَقَالَ زُهَيْرٌ:
فَلَوْ كَانَ حمد يخلد الناس لم تَمُتْ ... وَلَكِنَّ حَمْدَ النَّاسِ لَيْسَ بِمُخَلِّدِ
وَيُقَالُ: خَلُدَ بِالْمَكَانِ أَقَامَ بِهِ، وَأَخْلَدَ إِلَى كَذَا، سَكَنَ إِلَيْهِ، وَالْمُخَلَّدُ: الَّذِي لَمْ يَشِبَّ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى، أَعْنِي مِنَ السُّكُونِ وَالِاطْمِئْنَانِ، سُمِّيَ هَذَا الْحَيَوَانُ اللَّطِيفُ الَّذِي يَكُونُ فِي الْأَرْضِ خُلْدًا. وَظَاهِرُهُ هَذِهِ الِاسْتِعْمَالَاتِ وَغَيْرُهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخُلْدَ هُوَ الْمُكْثُ الطَّوِيلُ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى الْمُكْثِ الَّذِي لَا نِهَايَةَ لَهُ إِلَّا بِقَرِينَةٍ. وَاخْتَارَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِيهِ: أَنَّهُ الْبَقَاءُ اللَّازِمُ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ، تَقْوِيَةً لِمَذْهَبِهِ الِاعْتِزَالِيِّ فِي أَنَّ مَنْ دَخَلَ النَّارَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا بَلْ يَبْقَى فِيهَا أَبَدًا.
وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الْمُسْتَفِيضَةُ دَلَّتْ عَلَى خُرُوجِ نَاسٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ دَخَلُوا النَّارَ بِالشَّفَاعَةِ مِنَ النَّارِ، وَمُنَاسَبَةُ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَبَشِّرْ لِمَا قَبْلَهُ ظَاهِرَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ مَا تَضَمَّنَ ذكر الكفار وما تؤول إِلَيْهِ حَالُهُمْ فِي الْآخِرَةِ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَبْلَغِ التَّخْوِيفِ وَالْإِنْذَارِ، أَعْقَبَ مَا تَضَمَّنَ ذِكْرُ مُقَابِلِيهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ مِنَ النَّعِيمِ السَّرْمَدِيِّ.
وَهَكَذَا جَرَتِ الْعَادَةُ فِي الْقُرْآنِ غَالِبًا مَتَى جَرَى ذِكْرُ الْكُفَّارِ وَمَا لَهُمْ أُعْقِبَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَمَا لَهُمْ
1 / 178