245

Tafsir and the Exegetes

التفسير والمفسرون

Editorial

مكتبة وهبة

Ubicación del editor

القاهرة

Géneros

وعندما قُلِّد إفتاء الحنفية، شرع يُدَرِّس سائر العلوم فى داره الملاصقة لجامع الشيخ عبد الله العاقولى فى الرصافة. وقد تتلمذ له وأخذ عنه خلق كثير من قاصى البلاد ودانيها، وتخرَّج عليه جماعات من الفضلاء من بلاد مختلفة كثيرة، وكان ﵀ يُواسى طلبته من ملبسه ومأكله، ويُسكنهم البيوت الرفيعة من منزله، حتى صار فى العراق العَلَمُ المفرد، وانتهت إليه الرياسة لمزيد فضله الذى لا يُجحد، وكان نسيجٌ وحده فى النثر وقوة التحرير، وغزارة الإملاء وجزالة التعبير، وقد أملى كثيرًا من الخطب والرسائل، والفتاوى والمسائل، ولكن أكثر ذلك - على قرب العهد - دَرَسَ وَعَفت آثاره، ولم تظفر الأيدى إلا بالقليل منه، وكان ذا حافظة عجيبة. وفكرة غريبة، وكثيرًا ما كان يقول: "ما استودعتُ ذهنى شيئًا فخاننى، ولا دعوتُ فكرى لمعضلة إلا وأجابنى". قُلِّد إفتاء الحنفية فى السنة الثامنة والأربعين بعد المائتين والألف من الهجرة المحمدية، وقبل ذلك بأشهر، ولى أوقاف المدرسة المرجانية، إذا كانت مشروطة لأعلم لأهل البلد، وتحقق لدى الوزير الخطير علىّ رضا باشا، أنه ليس فيها مَن يدانيه من أحد. وفى شوَّال سنة ١٢٦٣ هـ (ثلاث وستين ومائتين بعد الألف) انفصل من منصب الإفتاء، وبقى مشتغلًا بتفسير القرآن الكريم حتى أتمه، ثم سافر القسطنطينية فى السنة السابعة والستين بعد المائتين والألف، فعرض تفسيره على السلطان عبد المجيد خان، فنال إعجابه ورضاه، ثم رجع منها سنة ١٢٦٩ هـ (تسع وستين ومائتين بعد الألف) .
وكان ﵀ عالمًا باختلاف المذاهب، مطلعًا على الملل والنحل، سَلَفى الاعتقاد، شافعى المذهب، إلا أنه فى كثير من المسائل يُقلِّد الإمام الأعظم أبا حنيفة النعمان رضى الله عنه، وكان فى آخر أمره يميل إلى الاجتهاد. ولقد خَلَّف ﵀ للناس ثروة علمية كبيرة ونافعة، فمن ذلك تفسيره لكتاب الله، وهو الذى نحن بصدده الآن، وحاشيته على القطر، كتب منها فى الشباب إلى موضع الحال، وبعد وفاته أتمها ابنه السيد نعمان الألوسى، وشرح السلم فى المنطق، وقد فُقِد، ومنها الأجوبة العراقية عن الأسئلة اللاهورية، والأجوبة العراقية على الأسئلة الإيرانية، ودُرَّة الغواص فى أوهام الخواص، والنفحات القدسية فى المباحث الإمامية، والفوائد السنية فى علم آداب البحث.
وقد توفى ﵀ فى يوم الجمعة الخامس والعشرين من ذى القعدة سنة ١٢٧٠ هـ (سبعين ومائتين بعد الألف من الهجرة)، ودُفن مع أهله فى مقبرة الشيخ معروف الكرخى فى الكرخ، فرضى الله عنه وأرضاه.
* *
*

1 / 251