هُنا مَصدَرِيَّةٌ، ولا تَصِحُّ أن تَكونَ مَوصولَةً.
يَقولُ المفسِّرُ ﵀: [﴿بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا﴾ القُرآنُ ﴿يَجْحَدُونَ﴾]، أي يُكذِّبون، وإنَّما قدَّرنا يُكذِّبون من أَجْلِ تَعدِّيها بالباءِ، لأنَّ جَحَدَ تَتَعَدَّى بنَفسِها، فيُقالُ: جَحَدتُ الشَّيءَ يعني: أَنْكرتُه، لكن إذا عُدِّيَ المَعمولُ بالباءِ صار الجَحدُ مُضمَّنَ معنى التَّكذيبِ؛ أي: بما كانوا يَكذِبون بآياتِنا.
من فوائِدِ الآيَةِ الكريمَةِ:
الْفَائِدَة الأُولَى: أنَّ جزاءَ أعداءِ اللهِ هي النَّارُ ولا بدَّ، ولذلك قال: ﴿ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ﴾ وبَيَّنَ أنَّ هذا الجزاءَ هو النَّارُ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: بَيانُ خُلدِ أهلِ النَّارِ فيها؛ لقَولِه: ﴿دَارُ الْخُلْدِ﴾ وهلِ التَّخليدُ مُؤبَّدٌ أو مُؤَقَّتٌ؟ المَقطوعُ به أنَّه مُؤبَّدٌ، لأنَّ اللهَ تعالى صَرَّحَ به في آياتٍ ثلاثةٍ؛ في النِّساءِ وفي الأحزابِ وفي الجِنِّ.
ففي النِّساءِ قال اللهُ ﵎: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (١٦٨) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا﴾ [النساء: ١٦٨ - ١٦٩]، وفي سورَةِ الأحزابِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (٦٤) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [الأحزاب: ٦٤ - ٦٥]، وفي سورَةِ الجِنِّ ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [الجن: ٢٣].
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: إِثباتُ عَدلِ اللهِ ﷿ وأنَّه لا يُعذِّبُ أحدًا إلَّا بذَنبٍ، لقَولِه: ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: إِثباتُ الأَسبابِ يُستفادُ من قَولِه: ﴿بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾، لأنَّ الباءَ هنا للسَّببيَّةِ.