329

Tafsir Al-Uthaymeen: Stories

تفسير العثيمين: القصص

Editorial

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edición

الأولى

Año de publicación

١٤٣٦ هـ

Ubicación del editor

المملكة العربية السعودية

Géneros

والمراد بالشَّهيد -كَمَا يَقُولُ المُفَسِّر ﵀: [وَهُوَ نَبِيُّهُمْ يَشْهَدُ عَلَيْهِمْ بِمَا قَالُوا]، هَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ المُفَسِّر ﵀.
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: المرادُ بالشَّهيد العَرِّيف، أي: الزعيم، ننزعه مِنْ بَيْنِهِم، ثم اسألْهم هَذَا السُّؤَالَ المَبْنِيَّ عَلَى التحدي ﴿هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ﴾.
وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ شيخنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي تَفْسِيرِهِ (^١)، أَنَّ المُرَادَ بالشهيد هنا الْكَبِيرُ مِنَ الأُمَّة، الَّذِي يُعْتبر بمنزلة العَرِّيف، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكَبِيرَ مِنَ الأُمَّة نَائِبٌ عَنِ الأُمَّة، وهذا -وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ.
قَوْلُه تعالى: ﴿هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ﴾ القائل هُنَا هُوَ اللَّهُ ﷿، والبرهان: الدَّليل، أي: هاتوا الدَّلِيلَ عَلَى مَا قُمتم بِهِ مِنَ الإشراك، ولن يجدوا دليلًا.
وقولُه: ﴿هَاتُوا﴾ فِعلُ أَمْرٍ، والمقصود به التحدي؛ لأنهم طلبوا مَا لَا يُمْكِنُ، والتوبيخُ لأنه سوف يَلْحَقُهُمْ مِنَ الخِزْيِ والعار أَمَام النَّاسِ فِي ذَلِكَ المَجْمَعِ مَا لَا يَسْتَطِيعُونَ دَفْعَهُ.
وقوله: ﴿فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ﴾، عَلِمُوا ذلك لمَّا لَمْ يَأْتُوا بدليل، ولا بُرهان على إشراكهم، عَلِمُوا أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي هَذَا الإشراك، وَأَنَّ الْحَقَّ للَّهِ وَحْدَهُ، وَأَنَّ هَذِهِ الْأَصْنَامَ لَيْسَ لَهَا حَقٌّ فِي الْعِبَادَةِ، وَأَنَّ الْحَقَّ فِي الْعِبَادَةِ للَّهِ وَحْدَهُ، وهذا الْعِلْمُ لَا يَنْفَعُهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُمْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ -يوم المُجَازَاة- ينفعهم لو أَنَّهُمْ عَمِلُوا بِهِ فِي الدُّنْيَا، فلو عَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ للَّهِ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ عَمِلُوا؛ لَكَانَ ذَلِكَ نَافِعًا لهم، أَمَّا بَعْدَ أَنْ شاهَدُوا العذاب، فعلموا أَنَّ الْحَقَّ للَّهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُهُمْ.

(^١) تفسير السعدي (ص ٦٢٣).

1 / 333