Tafsir Al-Uthaymeen: Stories
تفسير العثيمين: القصص
Editorial
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٣٦ هـ
Ubicación del editor
المملكة العربية السعودية
Géneros
وَقَالَ ابنُ مَسعود: "وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا أَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ أُنْزِلَتْ، وَلَا أُنْزِلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا أَنَا أَعْلَمُ فِيمَ أُنْزِلَتْ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنِّي بِكِتَابِ اللَّهِ، تُبَلِّغُهُ الإِبِلُ لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ" (^١).
وهذا ثَنَاء عَلَى نَفسه لَكن لمصلحةٍ، والعُلماء كثيرًا إذا كَتبوا كتَابًا يُثنون عَلَيه بمَا يَقتَضي هَذَا الكتَاب مِن أوصاف الثناء، وَمَعلُوم أَنَّ الثَّنَاء عَلَى الكتَاب ثَنَاءٌ عَلَى مُصَنِّفِه، فلو أنك أثنيتَ عَلَى هَذَا البناء فَأَنتَ في الواقع قد أثنيتَ على الباني، فَهَذه المَسأَلَة يَجوز للإنسَان أَنْ يُثْنِيَ عَلَى نَفسه بصفَات الحَمد بشرطين:
الشرط الأول: ألَّا يُريدَ بذَلكَ الافْتِخَارَ عَلَى غَيره، ووجهُه ظاهِر؛ لأَنَّه إذَا قَصَدَ بذَلكَ الافْتِخَارَ، والعُلُوَّ عَلَى النَّاس، فَهَذَا قصدٌ مُحَرَّم، وَلهَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ" (^٢).
والشرط الثَّاني: أَن تَكونَ في ذَلكَ مَصلَحَةٌ؛ لأَنَّه إذَا لَم تَكن فيه مصلحة، كَانَ لَغْوًا مِنَ القول؛ لأَنَّ الإنسَانَ يَمْدَحُ نَفسَه دُونَ مصلحة، إلَّا أَنَّه لَولَا أَنَّه يريد أَنْ يُبْرِزَ صفاتِهِ لِيَفْتَخِرَ بهَا عَلَى غَيرِه، مَا فَعَلَ ذَلكَ، حَتَّى لَو قَالَ: أَنَّا لَا أريد الفَخْرَ.
فالأصلُ أنَّ هَذَا لَغْوٌ مِنَ القَولِ؛ إذ لَا فَائدَةَ منه، والرَّسُول ﷺ يقول: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ، وَاليَوْمِ الآخِرِ؛ فَلْيَقُلْ خَيْرًا، أَوْ لِيَصْمُتْ" (^٣).
(^١) أخرجه البخاري: كتاب فضائل القرآن، باب القراء من أصحاب النبي ﷺ، رقم (٤٧١٦)، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل عبد اللَّه بن مسعود وأمه ﵄، رقم (٢٤٦٣).
(^٢) أخرجه مسلم: كتاب الفضائل، باب تفضيل نبينا ﷺ على جميع الخلائق، رقم (٢٢٧٨).
(^٣) أخرجه البخاري: كتاب الأدب، باب من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، رقم (٦٠١٨)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب الحث على إكرام الجار والضيف، رقم (٤٧).
1 / 255