160

Tafsir Al-Uthaymeen: Stories

تفسير العثيمين: القصص

Editorial

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٣٦ هـ

Ubicación del editor

المملكة العربية السعودية

Géneros

﴿لِسَانًا﴾ أي: كلامًا، وعَبَّر باللسان عَنِ الْكَلَامِ؛ لأنه آلة الكلام، قَالَ اللَّهُ ﵎: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ﴾ [إبراهيم: ٤]، أي: بِنطُقِهم ولُغتهم.
وسبب قوله: ﴿أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا﴾ قِيلَ فِي الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ: إِنَّ مُوسَى ﷺ كَانَتْ فِي لسانِه لُثْغَةٌ مِن جَمْرةٍ أخذَها ووضعها في فَمِه، وَذَلِكَ أَنَّ فِرْعَون أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَهُ، فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: إنَّه طفل لَا يَدْرِي، وَلَا يَعْرِفُ، وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تختَبِرَه فأَعْطِه تمَرًا وجَمْرًا.
فقَدَّم التمرة والجَمرة، والجمرةُ تتلألأ، وهيئتها أَجْمَلُ مِنَ التمر، فأخذ الجَمْرَة، وَوَضَعَهَا فِي فَمِهِ، فانعقد لسانُه.
وهذه الْقُصَّةُ مِنَ الإسرائيليات، وَهَذَا غَيْرُ مُمكنٍ؛ لِأَنَّهُ إِذَا أَرَادَ الجَمرة وأخذَها، لمَا استطاع أن يضعَها فِي يَدِهِ، وَلَكِنْ مَا يعاني منه مُوسَى هُوَ أَمْرٌ خِلْقي، خَلَقَ اللَّهُ بَعْضَ النَّاسِ عَلَيْهِ، ولهذا طلب مُوسَى مِنَ اللَّهِ أَنْ يحُلَّ هَذِهِ العُقدة، قال: ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (٢٧) يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾ [طه: ٢٧ - ٢٨].
هناك بعضُ النَّاس لديه مُشْكِلَةٌ فِي نُطق الحروف، وبعضُهم لَدَيْه مُشْكِلَةٌ فِي الْإِتْيَانِ بِصِفَة الحرف المعروفة، ولذلك فإن الصَّواب أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ الَّتِى لموسى ﷺ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ، وليست هناك تمرة وجَمرة.
قوله تعالى: ﴿فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا﴾ قَالَ المُفَسِّرُ ﵀: [أَيْ: مُعِينًا، وِفي قِرَاءَةٍ بِفَتْحِ الدَّالِ بِلَا هَمْزَةٍ]. أي: (رَدًا) (^١).
فَهِمَ مُوسَى ﵊ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ إِلَى فِرْعَوْنَ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ﴾ [القَصَص: ٣٢]، وَلِهَذَا قَالَ: ﴿فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ﴾، وهنا عَرَفَ أَنَّهُ

(^١) حجة القراءات، لابن زنجلة (ص ٥٤٥).

1 / 164