لَا يُدلي بشهادته، فليس هناك آيَةٌ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِ مَا قِيلَ، أو تكذيبه، فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ -لَا شَكَّ- نِعْمَ الشاهدُ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ فوق كُلِّ شَيْءٍ، يَقُولُ اللَّهُ تعالى: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ﴾ [الأنعام: ١٩].
ولكننا نقول: أين الآيَةُ مِنَ اللَّهِ ﷾ الَّتِي تَشْهَدُ بأنه حصل كَذَا وَكَذَا؟ فنحن -مثلًا- تأتينا بعض الزَّكَوات، ويأتينا فقير يقول: أَنَا وَاللَّهِ لَا أَمْلِكُ شيئًا، واللَّهُ شَاهِدٌ عَلَى ذَلِكَ. وَيَقُولُ لَك: أَمَا تَقبل اللَّه؟ نقول له: نعم، نَقبل قَسَمَك باللَّه، لكن اذكُر آيةً تَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ شاهد بذلك، أما مُجرد كلامِك فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ.
والنَّبيّ ﵊ يقول: "لَوْ يُعطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى رِجَالٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالهَمْ، وَلَكِنِ الْبَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعِي" (^١)، فاذكُر -مثلًا- وَحْيًا مِنَ اللَّهِ بِذَلِكَ أَوْ آيَةً فِي كِتَابِهِ تَدُلُّ عَلَى صِدقك، فنحن نَقبل شَهَادَةَ اللَّهِ، وهي فوق كُلِّ شَهَادَةٍ، أَمَّا أَنْ تَقُولَ: إِنَّ هَذَا فِي الذِّمَّةِ، فَهَذَا لَا يُثْبِتُ شيئًا.
قَالَ المُفَسِّرُ ﵀: [فَتَمَّ العَقْدُ بِذَلِكَ، وَأَمَرَ شُعَيْبٌ ابْنتَهُ أَنْ تُعْطِيَ مُوسَى عَصًا يَدْفَعُ بِهَا السِّبَاعَ عَنْ غَنَمِهِ، وَكَانَتْ عَصَا الأَنْبِيَاءِ عِنْدَهُ، فَوَقَعَ فِي يَدِهَا عَصَا آدَمَ مِنْ آسِ الجَنَّةِ، فَأَخَذَهُ مُوسَى بِعِلْمِ شُعَيْبٍ].
هَذَا مِنَ الإسرائيليات التي ما تُصدَّق، فلا نَجِدُ فِي الآيَاتِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ أَخَذَ عصًا، أَوْ شَيْئًا، فَقَدْ تَمَّ هَذَا الْعَقْدُ، وَصَارَ يُعْمَلُ له.