Tafsir Al-Uthaymeen: Az-Zumar

Muhammad ibn Salih al-Uthaymin d. 1421 AH
162

Tafsir Al-Uthaymeen: Az-Zumar

تفسير العثيمين: الزمر

Editorial

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٣٦ هـ

Ubicación del editor

المملكة العربية السعودية

Géneros

تَمشِي على الأرض تَجرِي، وقد جاء في الأثَر: "أنَّها تَجرِي بلا أُخدودٍ" (١) أي: بلا مجَارٍ على وجهِ الأَرْض، ولا تَحتاج إلى حَفْر سَواقٍ، ولا إلى جُدران تَمنَع من سَيَلان الماء، بل تَجرِي بدون شيء، وورَد أيضًا: "أنها تَجرِي باختِيار الإنسان حيث يُوجِّه النهرَ حيث شاء، ويُمسِكه حيث شاء" (٢)؛ لأن الله تعالى يَقول: ﴿وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [الزخرف: ٧١]، نَسأَل الله تعالى أن يَجعَلنا وإيَّاكم مِنهم. ومِن نِعَم الله تعالى علينا في الأرض أن: نَهْر النِّيل وسَيْحونَ وجَيْحونَ من الجَنَّة، وقد ورَد فيه الحديث أنها "مِنْ أَنْهَارِ الجَنَّةِ" (٣)، لكن المَعنى أنها تُشبِه أنهار الجَنَّة بالصَّفاء، وليس مَعناه: أنها نزَلَت من السَّماء، فهو من باب التَّشبيه البَليغ. وقوله تعالى: ﴿وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ﴾: ﴿وَعْدَ﴾ يَقول المُفَسِّر ﵀: [مَنصوب بفِعْله المُقدَّر]، أي: وعَدوا وَعْدَ الله، أو على رأيٍ آخَرَ محُتَمَل: التَّقدير أَنجَزوا وعدَ الله، يَعنِي: أَنجَز الله لهم وَعْده، وعلى هذا يَكون مَنصوبًا بفِعْلٍ مُقدَّر من غير فِعْله، أمَّا على رأيِ المُفَسِّر ﵀ فهو مَصدَرٌ مَحذوف العامِل. قوله تعالى: ﴿لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ﴾ قال المُفسِّر ﵀: وَعْدَهُ فأَفادَنا بأنَّ (أل) هُنا نائِبة مَناب الضمير، وأن الِميعاد بمَعنَى: الوَعْد؛ فقوله تعالى: ﴿لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ﴾ أي: أنه لا يُخلِف ما وعَدَه بشيء آخَرَ؛ لأن لفظة (أَخلَفَ) تَدُلُّ على

(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (٣/ ٢٧٣)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٨٤٥)، وابن أبي شيبة في المصنف (١٨/ ٤٠٧)، عن مسروق من كلامه. (٢) انظر: تفسير القرطبي (١/ ٢٤٠). (٣) أخرجه مسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها، باب ما في الدنيا من أنهار الجنة، رقم (٢٨٣٩)، من حديث أبي هريرة ﵁.

1 / 166