فإن قال قائل: أليس الكُفارُ ذَوي عَقْلٍ؟
فالجوابُ: بلى، لكنهم ذوو عَقْلٍ إدراكيٍّ، لا عَقْلٍ رُشْدِيٍّ؛ ولهذا كانوا مُكَلَّفينَ ومُلْزَمينَ؛ لأنَّ عِنْدَهم عقل إدراك، لكنهم غير مُوَفَّقينَ؛ لأنَّهُم فقدوا عقل الرُّشْد.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: الثَّناءُ على مُجْتَنِبِ الطَّاغوت؛ لقوله: ﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا﴾.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن لهم هذا الثَّوابَ العظيمَ، وهو قوله: ﴿لَهُمُ الْبُشْرَى﴾.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ التَّوْحيدَ لا يتِمُّ إلا باجتناب الطاغوت والإخلاصِ لله تعالى؛ لقوله: ﴿اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى﴾.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ الذين اتَّصَفُوا بهذه الصِّفَة؛ اجتنابِ الطَّاغوتِ والإنابَةِ إلى الله، هم أهل البُشْرى؛ لقوله: ﴿لَهُمُ الْبُشْرَى﴾ ولم يُبَيَّنِ الله وقت البشرى؛ فهو شاملٌ للبشرى في الدنيا وفي الآخِرَة.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: حرمان من أَشْرَك بالله من هذه البشرى؛ لأنَّه جعَل البُشرى للذين: ﴿اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ﴾.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: إثبات العبوديَّة الخاصَّة؛ لقوله: ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ﴾، والعبوديَّة الخاصَّة تكون منقَسِمَة إلى خاصَّةٍ أخَصَّ، وإلى خاصَّةٍ ليست بأخَصَّ، فالمؤمنون جميعًا كلُّهُم عباد الله، والرُّسُل عبوديَّتُهم أخَصُّ؛ فقوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا﴾ [الإسراء: ١]. هذه من الأَخَصِّ، وقوله: ﴿وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ﴾ [ص: ٤٥] هذه من العبادة الأَخَصِّ.