الآيتان (١٧، ١٨)
* قَالَ اللهُ ﷿: ﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [الزمر: ١٧، ١٨].
قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ﴾ قوله: ﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا﴾ أي: ابْتَعَدُوا عن الطَّاغُوت؛ لأنَّه مأخوذٌ من الجَنْب وهو الشَّيْء المُنْفَصِل عن الشَّيْء؛ يعني تقول: إلى جانبي فلان؛ أي: إنَّه مُنْفَصِل غيرُ مُتَّصِل.
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ﴾ أي: ابْتَعَدوا عنه. والطاغوت اسمٌ من الطُّغْيانِ والتاءُ فيه للمبالَغَة، فما هو الطَّاغوتُ الذي اشْتُقَّ من الطُّغْيانِ؛ يقول ابن القيم ﵀: "الطَّاغُوتُ كُلُّ ما تجاوَزَ به العَبْدُ حَدَّهُ من معبودٍ أو مَتْبُوعٍ أو مُطَاعٍ" (١).
فكل ما تجاوز به الإنسان حَدَّه، وإنما قال: ما تجاوز به حَدَّه من أجل أن يَصْدُق عليه أنه طُغْيانٌ من مَعْبودٍ أو مَتْبوعٍ أو مُطاعٍ؛ فمثلًا: الأصنامُ التي يَعْبُدها الكُفَّار تسمَّى: طواغيت، المَتْبوعينَ من العلماء طَوَاغِيت، المَتْبوعينَ المطاعِينَ من الأمراء كذلك أيضًا طَوَاغيتُ.
لكن كلام ابن القيم ليس على ظاهره، مرادُهُ بالمعبود الذي لا إرادَة له كالأصنام