102

Tafsir Al-Uthaymeen: Az-Zumar

تفسير العثيمين: الزمر

Editorial

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٣٦ هـ

Ubicación del editor

المملكة العربية السعودية

Géneros

والعقل الذي يُحْمَدُ فاعله هو عَقْلُ الرُّشْد - أي الذي يَحْجِزُك عما يضُرُّك -، أما عَقْل الإدراك فإنه يستوي فيه المَحْمُود والمَذْموم، عقل الإدراك الذي يترتب عليه التَّكليف، وهو الذي يأتي في كلام الفقهاء؛ يقولون: (مِنْ شروط العبادة: العَقْل) يعني عَقْل الإدراك، أما عَقْلُ الرُّشْد الذي يَحْجِز صاحبه عما يضُرُّه، فهذا لا علاقة بالتَّكليف به، بل إنما يقال: مَنْ حَجَزَهُ عَقْلُهُ عَمَّا يَضُرُّه فهو العاقِلُ حقًّا، ومَنْ لا فَلَا.
قوله: ﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ أي: لا يتذَكَّرُ إلا هؤلاء.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: أنَّ القرآنَ الكريمَ يَفْتَحُ للإنسان الاستدلالَ العقليَّ؛ يعني أنه يعرض الأشياء عَرْضًا عقليًّا، وذلك بطلب التَّدَبُّر والتَّفهُّم؛ فمثلًا: من هو قانت ومن هو عاصٍ، بكل بساطَةٍ إذا عُرِضَت حال هذا وحال هذا على العقل سيقول: لا يَسْتويان؛ من هو قانِتٌ آناء اللَّيل ليس كَمَنْ هو عاصٍ.
وهذه من الطُّرُق التي ينبغي لطالب العلم - عند المناظرة - أن يتَّخِذَها سبيلًا إلى إفحام الخَصْم؛ لأنَّ كثيرًا من الخُصُوم قد لا يقْتَنِعون بمجَرَّد الدليل الأَثَرِيِّ فنسوق إليهم الدَّليلَ النَّظرِيَّ، ولا سيما في الوقت الحاضِرِ؛ حيث اتَّخَذ كثيرٌ من النَّاس - إن لم أقل: أكثرهم - طريق إبليسَ سبيلًا، وهو معارضة السمع بما يَظُنُّه عقلًا؛ يعني معارضة النُّصوص بما يظنُّون أنه عقل.
ونحن نعلم علم اليقين: أنَّه ليس في النُّصوصِ ما يخالِفُ العَقْل الصَّريحَ أبدًا، بل في النُّصوص ما يؤَيِّده العقل الصَّريح، ويكون هذا شاهِدًا؛ لهذا كلٌّ منهما يقوَّى بالآخَرِ.

1 / 106