296

Tafsir Al-Uthaymeen: Ash-Shura

تفسير العثيمين: الشورى

Editorial

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٣٧ هـ

Ubicación del editor

المملكة العربية السعودية

Géneros

قال المفسِّرُ ﵀: [﴿فَمَنْ عَفَا﴾ عن ظَالمِه] والعفوُ عنه يعني: عدمُ مؤاخَذَتِه. ﴿وَأَصْلَحَ﴾ يقولُ: [الوُدُّ بينه وبين ظالمِه]. وهذا تفسيرٌ قاصرٌ جدًّا، بل المرادُ أَصْلَحَ في عَفْوِه، أي: صار عَفْوُه مشتملًا على الإصلاحِ، وإنَّما قلنا ذلك؛ لأنَّ ما ذَكَرْنَاه أعمُّ وأنْفَعُ بالنِّسبةِ للمعنى.
إذن ﴿وَأَصْلَحَ﴾ المُفَسِّرُ يراها قاصرةً على إصلاحِ الوُدِّ بينه وبين من ظَلَمَه، والصَّوابُ: أنَّ المُرادَ أَصْلَحَ في عَفْوِهِ؛ أي: كان عَفْوُهُ إصلاحًا.
﴿فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ يقولُ المفَسِّرُ: [أي أنَّ اللهُ يَأْجُرُه لا محالةَ] أَجْرٌ بمعنى ثوابٍ، وسمَّى اللهُ - سبحانه - الثَّوابَ أجرًا؛ لأنَّه في مُقابِلِ عملٍ؛ كأُجْرَةِ الأجيرِ إذا قام بعمَلِه، وفيه أيضًا إيماءٌ إلى أنَّ هذا الثَّوابَ واجبٌ، كما يجبُ إعطاءُ الأجيرِ أَجْرَه، وقولُ المفَسِّرِ: [أي فإنَّ اللهَ يَأْجُرُه لا محالةَ] أَخَذَ هذا المعنى؛ يعني: قولَه: [لا محالةَ] من كَوْنِ الجملةِ اسميَّةً؛ لأنَّ الجُملةَ الإسميَّةَ تفيدُ الثُّبوتَ والإستمرارَ.
قولُهُ: ﴿إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ قال المفسِّرُ ﵀: [أي: البادئين بالظُّلْمِ فَيَتَرَتَّبُ عليهم عقابُهُ].
قوله: ﴿إِنَّهُ لَا يُحِبُّ﴾ الضَّميرُ يَعُودُ على اللهِ ﷿ ﴿لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾؛ أي: المعتدين سواءٌ ظلموا أنْفُسَهم أو ظلموا غَيْرَهم؛ فصاحبو المعاصي غَيْرُ محبوبين إلى اللهِ ﷿ والمعتدي على عبادِ اللهِ غيرُ محبوبٍ للهِ ﷿ وقولُ المفَسِّرِ ﵀: [أي: البادئين بالظُّلْمِ]، فيه نظرٌ؛ فالآيةُ عامَّةٌ، تَشْمَلُ الظَّالمين ابتداءً والظَّالمين في الثَّاني. بمعنى: أنَّ المبتدئَ بالظُّلمِ غيرُ محبوبٍ إلى اللهِ، وكذلك من تجاوَزَ في حَقِّهِ؛ فإنه غيرُ محبوبٍ عند اللهِ؛ فإبقاءُ الآيةِ على إطلاقِهَا أَوْلَى؛ أي: ﴿لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ ابتداءً، ولا اقْتِصاصًا.

1 / 300