252

Tafsir Al-Uthaymeen: Ash-Shura

تفسير العثيمين: الشورى

Editorial

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٣٧ هـ

Ubicación del editor

المملكة العربية السعودية

Géneros

قال المفسِّرُ ﵀: [أمَّا غَيْرُ المُذْنِبِين فما يُصِيبُهم في الدُّنْيا لرَفْعِ درجاتِهِم في الآخرةِ]. هذا الكلامُ يُوحي بأنَّ هناك أناسًا كثيرين غَيْرَ مُذْنِبِين، وهذا عند التأمُّلِ فيه نَظَرٌ؛ لأنَّه ما من إنسانٍ إلا ويُصابُ بذَنْبٍ، حتَّى إن النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ قال: "لولا لم تُذْنِبوا لَذَهَبَ اللهُ بكم ولجَاءَ بقومٍ يُذْنِبون فيستغْفِرون اللهَ فَيَغْفِرُ لهم" (^١)، وقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ: "كلُّ بني آدَمَ خَطَّاءٌ وخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُوِنَ" (^٢).
وقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ عن نفْسِه: "اللهُمَّ اغْفِرْ لي ذنبي كُلَّه دِقَّه وَجِلَّه علانِيَتَه وسِرَّه وأوَّلَه وآخِرَه" (^٣)، وقال اللهُ تعالى يُخَاطِبُ نَبِيَّه: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ [الفتحِ: ١ - ٢] فهل يُمْكِنُ أن يَجْرُؤَ أَحَدٌ فيقولَ: إنَّ الرسولَ لم يُذْنِبْ واللهُ ﷿ يقولُ: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ لا يُمْكِنُ أن تقولَ: لا ذَنْبَ له حتَّى يَمُنَّ اللهُ عليه بمغْفِرَتِه له. نعم الرسُلُ معصومون من شيْءٍ ليس لغيْرِهِم، وهو الإستمرارُ في الذَّنْبِ، هذا لا يُمْكِنُ، لا بدَّ أن يَعْفُوَ اللهُ عنهم، إمَّا باستغفارِهِم وتَوْبَتِهم إلى اللهِ، وإمَّا بمِنَّةِ اللهِ عليهم. قال اللهُ ﷿ لنبِيِّه: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ [التَّحريمِ: ١ - ٢]، وقال اللهُ له: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ﴾ [التَّوبةِ: ٤٣]،

(^١) أخرجه مسلم: كتاب التوبة، باب سقوط الذنوب بالإستغفار توبة، رقم (٢٧٤٩)، من حديث أبي هريرة ﵁.
(^٢) أخرجه الإمام أحمد (٣/ ١٩٨)، والترمذي: كتاب صفة القيامة، رقم (٢٤٩٩)، وابن ماجه: كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، رقم (٤٢٥١)، من حديث أنس بن مالك ﵁.
(^٣) أخرجه مسلم: كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، رقم (٤٨٣)، من حديث أبي هريرة ﵁.

1 / 256