Tafsir al-Uthaymeen: An-Nur
تفسير العثيمين: النور
Editorial
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Edición
الأولى
Año de publicación
١٤٣٦ هـ
Ubicación del editor
المملكة العربية السعودية
Géneros
ولكن يَخْطُب ولا يُقبل، فهَذَا لم يجد نكاحًا، فتَخْصِيص عدم النكاح بما ذكره المُفَسِّر فيه نظر، فالآية أعم، فقَوْلهُ: ﴿لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا﴾ أي: لا يجدون نفقة له، ولا يجدون امرأة يتزوجونها أيضًا فإنَّه داخل في عُمُوم الآية.
لو قَالَ قَائِلٌ: في وقَوْلهُ: ﴿حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ أَرْشَد الله ﷾ إلى الْعِفَّة لمن لا يجد النكّاح، فهل هَذَا يعارض قَوْل الرَّسُول ﷺ: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّ الصَّوْمَ لَهُ وِجَاءٌ" (^١) هل بين الآية والحديث تعارض؟
الجواب: لا، فالآية أمر الله فيها بالْعِفَّة والنَّبيّ ﷺ بَيَّنَ الطَّريق إلى العفة بأن يصوم الْإِنْسَان فإن ذَلِك يقطع شهوة النكاح، وإذا انقطعت شهوة النكاح فهَذَا من أفضل أَسْبَاب الْعِفَّة، إِذْ الْإِنْسَان لا يَحْدُوه إلى عدم الْعِفَّة إلا الشَّهوة، فإذا انقطعت زالت أَسْبَاب وجود عدم الْعِفَّة.
وبهَذَا نعرف أن الحَديث لا ينافي الآية؛ لأَن الله أمر بالاستعفاف والنَّبِيّ ﷺ بَيَّن لنا طريقًا من طرق الاستعفاف، ثم إن الَّذِي لا يجد نكاحًا قد يَكُون ذا شَهْوَة قوية ربما تغريه بانتهاك المحرم، فدواء ذَلِك بالصوم.
أما الْإِنْسَان الَّذِي شهوته عادية وبعيد أن تغريه فهَذَا لَيْسَ له أن يصوم؛ لأَن قَوْل النَّبِيّ ﷺ: "وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ" لو أخذنا بظاهره لقُلْنا: كل إِنْسَان فقير لا يجد نكاحًا وله شَهْوَة فإنَّه يصوم، ولكن الْأَمْر لَيْسَ كَذلِكَ، لكن
(^١) أخرجه البخاري، كتاب النكاح، باب قول النَّبِيّ ﷺ: "من استطاع ... "، حديث رقم (٥٠٦٥)؛ ومسلم كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد، حديث رقم (١٤٠٠)، عن ابن مسعود.
1 / 208