الذي أنزله على الرسل، وكذلك هي كلماته القدرية التي يكون بها النصر لأنبيائه والخذلان لأعدائه، ولا يرد على هذا ما جاء به النسخ؛ لأن مبدّل الحكم المنسوخ هو الله ﷿، والآية تدل على أنه لا أحد يبدل كلمات الله، أما الله ﵎ فله أن يبدل كما قال ﷿: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾ [البقرة: ١٠٦]: وقال الله ﷿: ﴿وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (١٠١)﴾ [النحل: ١٠١].
قوله: ﴿وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ﴾ هذه الجملة مؤكدة بثلاثة مؤكدات، وهي القسم المقدر و(اللام) و(قد)، والخطاب للنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -، أي: لقد جاءك أيها الرسول من نبأ المرسلين، أي: من النبأ الذي يأتيهم وهو الوحي، هذا المعنى هو المتبادر.
أما المعنى الثاني: ﴿وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ﴾، أي: من قصصهم وأخبارهم وتبيَّن لك ما حصل للرسل من أتباعهم، وما حصل لأتباعهم، كما قال الله ﷿: ﴿وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ [هود: ١٢٠]، وعلى هذا فيكون للآية معنيان.
من فوائد الآية الكريمة:
الفائدة الأولى: بيان أن تكذيب الأنبياء ليس وليد عهد النبي ﷺ، بل هو سابق لقوله: ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا﴾.
فإن قال قائل: ما الحكمة من إرسال الرسل مع تكذيبهم؟