أَمَره أن يُعيد الصلاة؛ فلهذا نَقول: إنه ليس عليه إِثْم في صلاته الأُولى التي أَخَلَّ فيها بواجِب الطُّمَأْنينة؛ لأنه جاهِل، لكن يَجِب عليه أن يُعيد العِبادة على وجهٍ صحيحٍ.
وكذلك لو أن أَحَدًا ترَك واجِبًا من واجِبات الحجِّ جاهِلًا، فإنه لا إِثْمَ عليه، لكن عليه إعادةُ ذلك الواجِبِ إذا كان يُمكِن تَدارُكه، فإن لم يُمكِن تَدارُكُه فعليه بدَلُه عند جماهير أهل العِلْم، وهو فِدْية يَذبَحها في مكَّةَ، ويُوَزِّعها على الفُقَراء.
وقوله تعالى: ﴿فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ﴾: (ما) هذه من صِيَغ العُموم تَشمَل كل ما حصَل فيه الخطَأ، قال المُفَسِّر ﵀: [﴿وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ فيه، وهو بعد النهي] أمَّا قَبْل النهي فإنه لا يُؤَاخَذ به الإنسان؛ لأن الحُكْم لم يَتقَرَّر بعد؛ ولهذا قال اللَّه ﷾: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [النساء: ٢٢]؛ ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [النساء: ٢٣] لأنه قَبْل تَقرير الحُكْم وثُبوته شَرْعًا، فالأصل البَراءة، وهو ما يُعبِّر عنه الأُصوليُّون بالبَراءة الأَصْلية.
وقوله تعالى: ﴿مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾؛ لأن المَدار على القَلْب إذ إنه هو الذي يُدبِّر الجوارِح؛ لقول النبيِّ ﷺ: "أَلا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ" (^١)، وهذا القَلْبُ هو عِبارة عن هذه البَضْعة من اللَّحْم، أو أن المُراد بالقَلْب العَقْل المُفكِّر ومَحلُّها هذه القِطْعة من اللَّحْم الثانية، ولكن أين مَحَلُّ العَقْل؟